طمأنينةُ النّيكِ / ضياء بوسالمي
| ضياء بوسالمي، كاتب من تونس|
“على الحبّ أن يكون مختوماً بالدّم”.. صحت به ونحن مازلنا لم نتجاوز عتبة الشقّة. كنا واقفيْن في الممرّ الأملس الذي نظّفته سيّدة عجوز رمقتنا بنظرة تنمّ عن احتقار انقشعت كغيمة صيف عابرة.
بقي جامدا ويده في حقيبته السوداء الملطّخة بغبار أرضيّة البار الذي جلسنا فيه طوال السهرة. كانت سهرة عاديّة فقد جرت بيننا أنهار من الكلام دون حواجز أو عراقيل كما لو أنّنا أصدقاء لسنوات طويلة متّن الدّهر المودّة بيننا. نفض الغبار العالق بيده على سرواله فظهرت مؤخّرته مصقولة وقد زادها لون القماش الورديّ بهاء واثارة. أسقط فكرة البحث عن المفاتيح وانساب في سيل من الأسئلة التي فظّل تفجيرها قبل أن نلج عرينه.
“ماذا تقصد؟” سألني وهو يبعد خصلات شعره البنيّ المجعّد عن جبهته البيضاء التي تمرح في مساحتها الناصعة بعض الخطوط التي تظهر وتختفي كأنّها علامات تبوح بانفعالات الشاب المنتصب أمامي.
“لا شيء، هل أخافتك كلمة دم؟ ليست لدي ميول ساديّة ان كان هذا ما يوتّرك.” أجبته وقد وضعت على وجهي ابتسامة، لا أعلم من أين أتيت بها، وأشرت الى الباب بحركة سريعة ساعيا محو شياطين الريبة التي بدأت تحوم حول حبيبي وتسيطر على أفكاره ومخيّلته.
ابتلع اجابتي كقرص منوّم، فانفرجت أساريره واستأنف البحث عن المفاتيح التي وجدها أخيرا في القاع، كانت مختبئة ترفض الظهور الى حين تدحرج كرة الثلج الكلاميّة التي تكوّنت سريعا واختفت بنفس السرعة.
***
في الشقّة يبدو كلّ شيء مرتّباً.. بعض الكتب، زجاجات بيرة قابعة تحت النافذ كأنّها آثار تركها منتحر ثمل انتهى منها وقفز غير عابئ بصلابة الأرض وعناد الجاذبيّة.
“ماذا تشرب؟” سألني معذّبي وهو يتمادى في تمطيط لحاف الوقار الزائف.
“أنا جائع، أريد ان ألتهم أيرا” كانت اجابتي ككرة طين لملمتها بعناية وضربته بها وأعقبتها بقبلة عنيفة بعد ان اندفعت من الكرسي كنسر جامح. خلعت قميصه وهو يرمقني باستسلام حذر، كان جسده أبيض مع شعيرات متناثرة كأزهار بريّة في حقل قمح شاسع زادت اللّوحة رونقا وألهبت النار في أحشائي.
مازال حذرا، يرفع ستار الحشمة الشفاف..
أدخلت يدي في سروال، نزعته كالجائع الذي ينزع ورقا عن ساندويتش جاهز، بدأ يتجاوب مع انتصاب أيره. هذه إشارة انطلاق اللّعبة. تخلّصت من كلّ ثيابي كما يتخلّص المحارب من حمولته. تقلّدت سيفي وأنا عار تماما وحبيبي يضمّني بين ذراعيه، بدأت العزف على أوتار جلده وهو في كلّ مرّة يترنّح بين ذراعيّ فأتلقّفه قبل الانهيار وأعيده الى نقطة البداية.
انتقلنا الى الكنبة، ألقيت كل ما فوقها وأعددت الحلبة وفسحت له محالا ليتمدّد فوقي. كانت تلك مجرّد مناورة، مناورة فارس متمرّس خًبِرَ الحروب وركوب الخيل فسرعان ما قلبته على ظهره وأخذت مكاني الطبيعيّ.. على القمّة.
جلد أملس، شعيرات واقفة ومتأهّبة، انتصاب في بدايته وعينين خلتا من الريبة الى الأبد. كانت هذه عناصر مقطوعتي الموسيقيّة التي سأعزفها على أوتار جسد ملقى أمامي على كنبة مهملة. وضعت خنصري في فمه فقضمه وألحق فعلته بابتسامة رجاء ماكرة وهو يمصّه. أجبته بالنزول الى أسفل بطنه، كانت تلك اهمّ لحظات المقطوعة.. مراوحة بين التقبيل والمصّ.. ذهاب واياب على الطريق الرابط بين شفتيه وزُبّه، الذي تكسوه عروق خضراء، مرورا بمحطّة حلماته المنتصبة كحبات كرز ناضجة. ألعق خصيتيه فيفتح فمه متأوّهاً طالبت العفو من الالهة.. ينخلع فتتمطّط عضلاته ويحاول العودة الى الوراء، تحرّك الكنبة فأضطر الى كبح جماحه وتخفيف حدّة وسرعة المصّ.. ينخفض الإيقاع برهة ثمّ أباغته بغرس أظافري في بطنه وأنزل حتى أصل الى ساقيه. هكذا أسجّل حضوري في هذه المساحة.. يسيل الدّم غزيراً من أفخاذه المنقسمة الى أجزاء وعضلات مشدودة، ألعق الدّم المتدفّق وأسارع الى اغاثته بقبلات حارة. كان لسانه بطعم الملح.. الآن، أصبحت قبلاتنا مزيجا بين الملح والدم.. أعود للمصّ مجدّدا، تحوّل أيره الى قطعة حلوى حمراء بعد ان كسوته بالدّم.. كان يراقبني وأنا منهمك في تدوير لساني في ذلك المكان المقدّس، أعترض ساقية الدّم المنهمر من بطنه لأحوّل وجهتها الى أسفل بطنه.
انقضّ عليّ كثور اسبانيّ منفعل لرؤية اللّون الأحمر، حملني من خصري وانقلب الموقف، لكنني كنت راضيا هذه المرة عن وضعيتي في الأسفل. فتحتُ ساقيّ كأعمدة منفرجة تقاوم برد الغرفة كنت كراقص باليه مرن وكانت حركات الرّهز منعشة.
عندما احسست بزبّه داخلي، غمرتني طمأنينة مشوبة بلذّة ساخنة. اختفي ذلك الحزن الدّفين داخلي وأنا أرى ذلك النّهر من المنيّ الأحمر على بطني.. انّها طمأنينة النيّك..