المتاهة/ آية بن غنية
| آية بن غنية – تونس|
| Ivana Besevic، Lazy Saturday|
قبلة ذلك اليوم كانت مختلفة …. بدت بحلاوة القبلة الاولى بين أشجار احدى الغابات الصغيرة بقريتي ، و بمرارة الخيانة الاولى…
حصل كل شيء بسرعة ، لا تسعفني ذاكرتي على استرجاع كل التفاصيل ، لكني اشعر بذات الإحساس في كل مرة فكرت بالأمر ، قشعريرة تحتل جسدي ، رعشة خافتة بيدي التي كانت متشبثة برقبته ،غارقة بجنون شفتيه ….
اتى صدفة لمحل عملي ، ولا اعلم كيف قبلت دعوته على العشاء بمنزله … كان تسرعا ربما … بل جنونا …
منزله لم يكن مرتبا كفاية ، بل كان غير مكتمل الأثاث .. تراجعت فزعة … أهي شقة يخصصها لأهوائه و بنات الشوارع اللاتي يضاجعهن في كل مرة؟؟؟
علم بما دار في ذهني من وساوس و اقترب مني ، امسك بيدي الاثنتين بين كفيه ، اقسم انها شقته الجديدة و انني الاولى التي ادخلها ، واقترح علي أن اغادر إن لم أكن أصدقه ، و ختم قوله ب “لن أكون مستاء منك”
لا أذكر ما الذي حصل تحديدا بعدها، تنتابني نوبات من الضحك عندما أكون بقمة سعادتي ، ولكني أذكر أني ضحكت كثيرا تلك الليلة … كما لم أضحك منذ زمن ، ضغط عملي و برود علاقتي بخطيبي جعلت من ضحكاتي مناسباتيّة و مصطنعة …
اقترح فيلما لمشاهدته ، كنت محتاجة لسيجارة وكأس من البيرة كي تكتمل المتعة ، لكنه لم يكن يدخن او يشرب الكحول ، فتراجعت عن طلب ذلك منه ، خجلت من الأمر ربما …
لا أذكر شيئا عن الفيلم ، كنت استرق النظر للشعر الذي يكسو ظهر يده عندما طوقني بها عند بداية السهرة ، و لم يسحبها لساعة ، كان هادئا للغاية ….ما أثار فضولي ، أردت حقا ان أنبش ذاكرته ، حاضره و أفكاره ، أن أغوص بها و أصل الى السر الذي جعلني آتي هنا ، معه …
نظرت لعينيه ، ابتسم ، نطقت باسمه ، لم يرد ، اردت أن اسأل لكنه سبقني بالإجابة ، اقترب بكل هدوء ليطبع قبلة ساخنة على شفتي …
كان يجيد التقبيل ، هو بالضبط من النوع الذي أشتهيه دوما ، هادئ في البداية ، رومانسي للغاية ، لكنه يجيد التحول من سكونه الى قمة شبقه و جنونه ، كان يقبلني و يضغط أكثر فأكثر على ثنايا جسدي ، بوسعه أن يجعلني أتألم و أطلب المزيد في آن ….
طلبت منه ملابس لأنام بها ، لا استطيع النوم بسروال الجينز الذي ارتديه ، فقدم لي احد سراويله القصيرة …
لا ادري ما الذي حصل بعد ذلك ، اذكر انني استيقظت صباحا لأجد نفسي بمفردي بالغرفة ، صرخت بأسمه ، كنت خائفة لأقصى درجة ، الى ان سمعته يناديني من غرفة الاستحمام ، فتحت الباب فإذا به يستحم و يضحك خجلا طالبا مني اغلاق الباب …ابتسمت ، طلبت منه ان اشاركه الاستحمام فرفض ، كان خائفا من عاقبة الامر ، لم أصغ اليه ، اقتربت ، فتحت الباب البلوري و شرعت في نزع ملابسي .. لكني تركت القطعة السفلى … ارتبك … فضمني اليه و ابتل جسدانا بالمياه المنهمرة فوقنا … طلبت الصابون فلم يناولني إياه ، بل شرع هو في غسل جسدي بنفسه ، يمرر يده ببطء ويرسم كل تفاصيلي … رقبتي و نهداي و بطني .. حاول اقحام يده بين ساقي .. لكنني رفضت ، لم يلمس ذلك الجزء الا خطيبي … و هو من املاكه الخاصة جدا الان …
لم ينبس بكلمة … أشار الى شفتاي ، و سأل “هل لي بامتلاكها” و دون ان اجيب ، أخذ في تقبيلها ، قبلة فرنسية طويلة كادت تودي بروحينا ، فالقاع مغطى بفقاقيع الصابون …
ضحكنا كثيرا بعدها ، كطفلين …
بعد تجفيف جسدي و ارتداء ملابسي تمددنا على الفراش ، ينظر كلانا للسقف ، تحدث دون ان اسأله ، اخبرني انه رجل لا يقدر على سجن نفسه البتة ، فهو يعتبر الارتباط سجنا ، عاش الأربعين سنة الماضية بين شوارع باريس و ملاهي نيويورك ، حتى الحب ، هو سجن بالنسبة له ….
لم اجب….
كان الوقت حينها مناسبا ليوصلني للعمل ، كنا سنخرج ، الا اني امسكت يده ، و اخبرته اننا لسنا سوى أصدقاء ، فلا داعي للخوف …
و لا أدري كيف حدث ذلك ، فقد ادارني حول نفسي ليقبل رقبتي و يداه تحيطان بخصري ، ليشل حركتي تماما …
لا اذكر كم مر من الوقت بعد ذلك اليوم ، لم يعد يجيب على اتصالاتي ، و لا رسائلي القصيرة ، لم يأتِ لزيارة مقر عملي البتة ، أصبحت وسط حلقة مفرغة …
في احدى ليالي ارقي اتصل ، أراد رؤيتي ، نزلت مسرعة من منزلي ، لم يخبرني شيئا في السيارة عدا بعض الاحاديث التافهة ، لم نبق بالمنزل كثيرا ، اخبرني انه محتاج لرؤيتي بدون سبب يذكر ، سهرنا ، تعانقنا واجتاحت القبل جسدينا …
اتصل بعد يوم ، اخذ في الحديث عن نفسه ، انه الطالب المجتهد الذي تخرج و لم يجد صعوبة في إيجاد عمل ، عن اسفاره و رحلاته ، و عني ، اخبرني انه لا يريد أن يشتت افكاري و يدمر علاقتي بخطيبي … و انه لن يراني مجددا …
كرر الاتصال بعد مدة ، اخبرني انه سيتقدم لخطبة احدى الفتيات التي اختارتها امه … و سيعود لأمريكا عله يريح تفكيره لمدة .
كنت ألعن كل كلمة يقولها وألعن كل دقيقة مضت معه وعاهدت نفسي على قطع علاقتي به للأبد …
بعد أسبوع رن هاتفي ، كنت بالعمل ، طلب مني ان ألقي نظرة على البوابة … كان هو بالخارج ينتظر …