رجل لم يعجبني/ نيران الطرابلسي

|رجل لم يعجبي|

|نيران طرابلسي|

|الصورة من مسرحيّة “فيدر” إخراج كريستوف وارلوفسكي|

  • مرحبا بك في بيتنا هل تشعرين بالوحدة؟ لا تخافي سنتقاسم الفراغ، هل تريدين أن تحكي قصتك، وما الذي قادك إلى هنا؟ منذ وقت طويل لم أسمع حكايات جديدة.. هل تسمعينني؟
  • متعبة جدا من مراسم الدفن والتنقل، هل يمكن أن نأجل الحديث؟
  • هنا لن تجدي شيئا آخر تفعلينه عدا الراحة، وسيتعبك هذا مع الوقت.
  • حسناً سأحكي لك كل شيء.. اسمي نيروز، وأنا مولعة جدا بالمغامرات، تخيل أني كنت أتسلق الجبال وأنام تحتها. كنت أريد دائما أن أجرّب كلّ شيء، لا أظنّني نجحت في ذلك، دائما ما يكون هناك شيء جديد، أو طريق جديد، ولكن لا يهم الآن!، كل شيء أصبح ماضياً، كنت تائهة جداً، أبحث عن ذاتي، لأني ظننت أني حين أجدها سأجد الحب، لا تظنّ أني ساذجة، لقد كنت مقتنعة تماما بفلسفتي، لم أكن أعرف أين وكيف أجدني، لكني كنت أكتشف ذاتي في كل مرة أخوض فيها مغامرة جديدة، أو أفتح فيها كتابا جديدا، أو أعرف فيها رجلا جديدا، ومع الوقت، عرفت أنه في الفراش فقط، نكون نحن، وأن كل تلك الرواسب والأشياء المخزنة والعقد والأمراض، تخرج حينها بأشكال متنوعة، حينها ترى كل عذابات الآخر وأفراحه وخوفه وعجزه، ودون أن تشعر، ستكون الآخر، ولو بنسبة قليلة، أظنّ أن الجنس يختصر الكثير من المسافات التي تقود إلى معرفة ذاتك والآخرين. حينها بدأت تكبر وتكبر مشكلتي، أخزن في داخلي الكثير من حكاياتهم أمراضهم، وردود أفعالهم الحادة والصادمة.
  • وهل عثرت على الحب؟
  • الآن فقط.. أظنّه هو ما كان يدفعني بقوة إلى الأمام، عرفت رجلا، وبعد أن مارست الحب معه، لم أعد أستطيع تركه، وكأنه خلق لي وحدي، لم يكن وسيما، ولا طويل القامة، ولا واسع العينين، كان بسيطا جدا في جماله، ملامحه هادئة بطريقة بدائية جدا، ولو كنت سألتقيه في أحد الشوارع، ما كنت سأشتهيه، ولن يستطيع عقلي تخيله في الفراش، لكنه غيّر المفاهيم في ذهني
  • أرجوكِ أريد أن أعرف تفاصيل الحكاية كلّها..
  • اسمه سليم، وقد تعرفت إليه صدفة في أحد شوارع العاصمة، لم يعجبني في البداية، تعودّت أن أخرج مع رجال وسيمين جدا، وسيمين بالنسبة لي، وبحسب فلسفتي في الجمال، لكني أردت في اليوم الذي قررت الاتصال به، أن أجرب شيئاً جديداً، أردت بشدة أن أكتشفه، لم يكن مدهشا سوى في الفراش، كان يدّعي الذكاء، لذلك ادعيت الغباء، مهووسا بالخمر بطريقة مقرفة جدا أحيانا، ومدهشة أحيانا أخرى، لم يكن ذا إيديولوجية واضحة، كان كالريشة في الهواء تارة هنا، وتارة هناك، وأنا كنت القطار الذي لا يتوقف سوى في محطته، لم يكن محطتي، لكن أعجبتني فكرة أن أرتاح قليلا فيه، مارسنا الجنس في أول يوم، وكل يوم طيلة ثلاثة أشهر دون توقف بهوس وشغف، لم أكن أستطيع أن أقاومه، كان الشغف ينمو يوما بعد يوما عوض أن يندثر بالعادة.
  • هل تظنّ أن الحب هو ما ولّد الشغف بيننا؟ أم أن الشغف هو من ولّد الحب؟
  • لا أعرف، لكننا انفصلنا، وكان يجب أن ننفصل، كنّا سنموت ذات يوم ونحن نمارس الجنس.. حينها، وجدت صعوبة كبيرة في معرفة رجال آخرين، وأصبحت أستمني وأنا أستحضر ذكرياتي معه، بعد زمن، صرت جاهزة لمعرفة رجل جديد، وخوض علاقة جديدة، فتعرفت على بيرم ونمت معه في أول أسبوع من صداقتنا،  كان مضطربا جدا في الفراش، ومرتبكا كما في حياته تماما، في منتصف الليل وبعد أن نام بيرم، تسللت إلى فراش صديقه ومارست الحب معه، كنت بحاجة لأكثر من ثلاث رجال لأعوض سليم، ما حدث كان فوق تصوراتي، حين استيقظت في الصباح، وجدت الكثير من الناس حولي، يبكون ويتعوذون ويرتلون آيات قرآنية، صرخت في وجوههم دون جدوى.. ثم اكتشفت أن بيرم قتلني، وأن كل شيء انتهى، ولا وقت لمغامرة جديدة.
  • سأخبرك بشيء غريب، اسمي أيضا سليم..
  • وكيف هو قبرك؟ هل يتسع لنا؟
  • تعالي واكتشفي ذلك .