في فضائل البورنوغرافيا
| مجموعة من نصوص الباحث التونسي عدنان جدي.|
| ترجمة عن الفرنسية : ضياء بوساليمي |
في فضائل البورنوغرافيا (1): بايدج تورنا
للمغرمين بالسّهر و المجون، لمحبّي “البراءة البورنوغرافيّة” و لعشّاق هذا الفنّ العنيف، لا توجد متعة تضاهي التّلذّذ بنظرات بايدج تورنا الماكرة والامتناع عن الكلام للتَّفَرُّغِ لاستماع السّمفونيّة التي تعزفها اهتزازات مؤخّرتها. يقول الشّاعر الفرنسيّ “بُودْلِيرْ” : إنّ في الإنسان رغبتان تتصارعان، رغبة في صعود القِمَمِ و رغبة في النّزول إلى أعماق الحُفَرِ المظلمة… و التّأثير الذي تمارسه مؤخّرة بايدج تورنا الأولمبيّة ليس فقط على من يعتليها و إنّما يمتد أيضا إلى المشاهد فمؤخّرتها تقودك إلى أعماق المجهول، تجعلك تتدحرج شيئا فشيئا لتغوص بحثا عن سرّ هذه الأعجوبة محاولا فكّ رموز هذا الفجّ العميق الذي تتمنّى أن تنطلق مبحرا فيه إلى الأبد دون رجعةٍ.
الأداء العجيب لمؤخّرة بايدج تورنا لا يعرف سرّه إلا الرّائع “مَانْوِيلْ فِيرِيرَا” في فيلم “هل تذكرني؟” وأدائها الأسطوريّ في هذا الفيلم يتطوّر: تقاسيم الوجه، تصلّب اليدين وارتعاش الجسم … كلّ هذا يوحي بالبعد الحيوانيّ في أدائها الخرافي. والحقيقة أنّه يوجد فعلا بعد حيوانيّ لذيذ ويتجسد ذلك في ملحمتها الأسطوريّة وصمودها المُبْهِرِ أمام “مَانْوِيلْ فِيرِيرَا”. إنّ مؤخّرة بايدج تورنا هي معقل التّوحّش واللّذة في آنٍ، أو لنقل إنّه توحّش شهِيٌّ ولذيذ فمن ذلك اٌلعجُزِ المقدّس تنطلق رحلة البحث عن اللّذة.
المضاجعة مع بايدج تورنا هي مجرّد بداية، إنّها الجسر الذي نعبره لمشاركة هذه الرّائعة بقيّة الملذّات أو يمكن أن نعتبرها التّمرين الرّئيسيّ الذي يغذّي مكرها وخبثها. فيكفي أن تنام على بطنها، تخفي وجهها وتترك شعرها ينسدل على ظهرها النّقيّ.
هذا الجسد الرّائع يعلن بداية الرّحلة، لا يسعك إلاّ أن تقف في خشوع مشدوها أمام سحر المنظر ينتابك الخوف وتتسارع دقّات قلبك … استعد فإنّ هذه الآلهة ستعرج بك إلى سماوات اللّذة!
في فضائل البورنوغرافيا (2): جيانا مايكلز
من السّذاجة أن نعتبر جيانا مايكلز ممثّلة بورنوغرافيّة عاديّة مثل بقيّة الممثّلات، ومن الحمق كذلك أن نعتقد أنّ أدائها ونَهْدَيْهَا الضَّخْمَيْنِ مجرّد وسائل للمُتعة و” الانتشاء العابِر ” الذي لا يتجاوز ثواني معدودة ليتلاشى بعد ذلك. إنّ “المبالغة” عنصر من العناصر المهمّة التي ترتكز عليها جيانا مايكلز وهذا ما يجعل من أدائها الخُرافِيّ أداء يَصْعُبُ أن تعثر على مثيل له في عالم البورنوغرافيا. فمنذ مدّة طويلةٍ، كان جوهر فنّها و سرّه يكمن في الإعتماد على خضوع رغبتها إلى مظاهر متعدّدة من “الإفراط” و “المبالغة”، إنّها دائما تطلب المزيد! والحقيقة أنّه في عالم البورنوغرافيا، لا تكون “المبالغة” حاضرة في أغلب المشاهد خلافا للمردودية” التي عادة ما تسجّل حضورها بقوّة. وما يُحْسَبُ لجيانا مايكلز هو قدرتها على تخليص “المبالغة” من طابعها الرّسميّ وربطها من خلال الأداء بمجال القوّة ولكن مع المُحَافَظَة ” شكليّا” وبصفة سريّة على “نجاعة الأداء” وهذا ما نلاحظه في المشاهد النّادرة التي تظهر فيها جيانا مايكلز صُحْبة “برُوسْ كُورْت” و “مِيِلينا روكَافُورْتِي”.
بتخليصها لل “مبالغة” وإخراجها من طابعها الرّسميّ، كانت جيانا مايكلز هي الإستثناء في عالم البورنوغرافيا ولكنّ ذلك كان نتيجةً للمخاطرة: فبإخضاع رغباتها إلى أشكال متعدّدة من “الإفراط” فقد فضّلت آنِيَّةَ وقِصَرَ الانتشاء على دوام واستمرارية الرّغبة والمتعة. ولا تكتفي جيانا مايكلز باستمناء رجل واحد، هدفها دائما رفع التّحدّي لبلوغ الحدّ الأقصى وهنا تظهر موهبتها في عدم الاكتفاء بالموجود و “طلب المزيد”. فإمّا أن تكون بين إثنيْنِ أو أن تكون مع شخص واحد وتضاجعه مرّتين على الأقلّ، تلك هي معادلة جيانا مايكلز التي يصعب فهمها أو حلّها … إنّه النّهم والرّغبة الدّائمة! إنّها تداعب اٌلأُيُور الجائعة التي تنفجِرُ معلنةً بلوغ أعلى درجات الانتشاء فتستقبل المَني على نَهْدَيْهَا الكَرِيمَيْنِ كأنّه حليب ناصع البياض. لكنّ هذا الفنّ هو أيضا فنّ “الإستنزاف” فجيانا مايكلز تُبدِعُ وتتفنَّنُ في استنزاف طاقة “مَانْوِيلْ فِيريرَا” وفي تسليط حالة من الرّعب على ” جيمس دين”. أداء مبهِرٌ ونشاط نادرٌ تتمتّع به هذه الرّائعة فتُشِلُّ حركة من معها وتجعله تائها في العدمِ. إنّها تتمتّع بثباتٍ يُرْهِبُ الآلهة!
إنّ هذه الموهبة في توظيف ثنائيّة “المبالغة” و “النّجاعة” هي ما يميّزُ جيانا مايكلز عن مُمَثِّلات من الطّراز الرّفيع ك”سَارَا جَايْ” و “كِيَارَا مِيَا”
في فضائل البورنوغرافيا (3): ميا خليفة
ميا خليفة هي أروع المواهب الشّابّة وأبرزها في عالم البورنوغرافيا. لنكن عقلانيين وصريحين، من المؤكّد أنّ ملامِحها الطّفوليّة إضافة إلى نظّاراتها الجذّابة تجلب انتباه المُشاهد ولكنّها رغم ذلك لا تُرضي أنصار “البراءة البورنوغرافيّة”. ميا خليفة ابنة الإثنين وعشرين ربيعًا، رغم صغر سنّها وقصر تجربتها في عالم البورنوغرافيا إلاّ أنّها لا تتوانى في إبراز مؤهّلاتها دون خوف أو حياء. لقد اقتحمت هذا العالم رافِعة شعار ” لا حياء في البورنو! ” والمُتمعِّنُ في مؤهّلاتها يكتشِف أنّ ” مَهَارَاتِهَا الفَمَوِيَّةِ ” وقدرتها العجيبة على التّفننِ في استخدام لِسانها هي وحدها التي تستحقّ أن تُأخَذَ بعينِ الاعتبار. إنّها تسعى جاهدة لاستغلال إمكانيّاتِها لبُلوغِ أعلى درجات الكمال، ولكن يجب أن ننتبه لكيلا ننخدِع فهي كثيرا ما توظّف “مهاراتها” بطريقة متكرّرة ومملّة تجعلها بعيدة كلّ البعد عن الممثّلات المتمرّسات والمتمكّنات من هذا الفنِّ … مع ميا خليفة لا تحسُّ بذلك الانتشاء الذي تنتظِرُه، و كأنّ النّتيجة ليست في مستوى المجهود المبذولِ و يخيّلُ لك أن مهاراتِها تُوَظَّفُ في الفراغِ! حتّى وإن حاولت التّدارك من خلال التّرفيع في النّسق لتهدينا بعض اللّحظات – التي نحسّ خلالها بنشوةٍ يكاد القلب نفجرُ بسببها – فإنّها تعود سريعا إلى النّسق المُعتاد وتمرّ تلك اللّحظات مخلّفةً الاستياء والإحراج في آنٍ. هذه اليتيمة اللّبنانيّة تسخرُ خلسةً من ضحايا خُدَعِهَا الشّيطانيّةِ ولكن ما ينقصُها لتبلغ درجة الكمال في مُمارسة فنِّها هو “اُلتَّنْوِيعُ” الذي تُوظّفه “جيانا مايكلز” و “الجِدِيَّة” التي تتميّزُ بها “آنا بولينا” و لكن لنتّفق أنّ ميا خليفة ليست مطالبة بالاعتذار بسبب عبقريّتها!
إنّ فنّها هو “تَظَاهُرٌ بُورنُوغْرَافِيّ” لأنّه و بكلّ بساطةٍ لا مكان للعبقرِيّةِ في عالم البورنوغرافيا و الموهبة هي مفتاح النّجاح، وهذا ما أدّى إلى استحالة تصنيف فنّها كاستثناء فهي غير ثابتة متردّدة في أدائها بين ماضيها ( أصولها المشرقيّة ) وحاضِرها ( الثّقافة الغربيّة ).
في فضائل البورنوغرافيا (4): سارا جاي
تأمّل وراجع نفسك ثمّ اعترف بكل صراحة: لا توجَدُ ولن توجَدَ ممثّلة بورنوغرافيّة فهمت واستوعبت ذلك المعنى السّحرِيّ للملل ووظّفته بطريقة عجيبة كما فعلت سارا جاي! هذا “الملل الشّهيُّ” الذي يُضفيه أداء سارا جاي الأفلام، يسحرُ المشاهد ويجعلُه مشدودًا إليها رغم بساطة الفكرة وتفاهتها. هذا هو في الحقيقة سرُّ “التّضارب اللّذِيذِ” الذي نحسّ به عندما تمارس سارا جاي فنَّها. لقد استطاعت أن تعثُرَ على الوصفة السِّحريّة…فعلى الرّغم من المللِ الذي يتسلَّلُ إلى المُشَاهِدِ إلّا أنّ سارا جاي تنتزِعُ منه الإعجابَ والدّهشةَ في آنٍ فيتحوّل الملل إلى وسيلة لبلوغ أعلى درجات الانتشاء. من مِنَّا لا يُحبُّ تلك المشاهِدَ الطويلة التي تظهرُ فيها هذه الرّائعة مع رجليْنِ أو أكثر. إنّها مشاهد مُسْتَهْلَكَة تتكرّرُ و هي كثيرة في عالم البورنوغرافيا، ولكن مع سارا جاي يتحوّل الملل إلى لذَّةٍ إنّه مللٌ لذيذ !
“المللُ البورنوغرافِي” هو غياب أو تغييبٌ لمَلَكَةِ العقل، إنّها حلة من السُّكرِ أو الغيبوبة التي يتحوّل فيها المشاهِدُ إلى أسِيرٍ لدى سارا جاي… يقفُ منبهرًا بفنّها و بدقّة أدائها و ينسى نفسه و ينقطع عن العالم ! كيف لا و هي التي تغطِّي بأدائها الفذّ على تفاهة الفكرة و رداءة السيناريو و ضعف الإخراج…
إنّها تمثّل الثّورة في عالم البورنوغرافيا !