الساحر / يوميات شاذة

الساحر / يوميات شاذة 

الكاتب: فول (أسم مستعار)

 

  • ولاعة لخمسين سنة…
  • بدكش كبريتية،
  • مناليوم انسى القداحة…
  • قربوجرب..

بقي يصيح بأعلى صوته المُطرب وصداه الحلو معبي مدخل باب العمود،

مقرفص قدام ثلاثة بوابير كاز، وكومة حجار ملونة ناعمة بأشكال وأحجام مختلفة،

وبنقرة من حجر على راس البابور اللي بقى يطلع دخان يولعه،

وبعدين يولع راس بابور ثاني وثالث،

وبنفخة قويه وعميقة يطفيهن،

زي السحارين،

ويكمل صياحه وهو يبحّر على الناس اللي تجمعوا حواليه، وابتسامة رظى مخفية في ثمه،

وينقرهم أُخرى مرة بالحجر يولعم،

انا انبهرت لهالعرض ولبقية الناس المارة في هذاك الصبح، بقى عمري  13 سنة في طريقي على المدرسة،

وإذا واحد سأل عن سعر الحجر العجيب،

وبصوت مقنع وجواب منطقي:

  • خمس ليرات، وهو حق دزينتين كبريت، بس بضل أرخص على طول سنين طويلة،

وبعدين في يوم ثاني شفته بمشي في السوق، حامل سلة بلاستيك يبيع خوص، حامل وحدة وبنادي بصوته

الحنون عن خوصه متعددة الاستعمالات،

وقال لي بمزح لما مر من جانب محلنا في خان الزيت:

  • خذ سكين بلكي لزمتك يوم من الأيام

مين ببقى هالزلمة؟، الرفيع، الطويل، وشعره لبيظ الكثيف اللي بمشطة لورا مثل رونالد ريچن، وعينيه الزرق الرطبة كانه بقي يعيط قبل شوي، وأواعيه المهندمة الفاتحة ورغم قدمها بس من ماركات عالمية.

هيئته بدل عن زلمة ابن دلال، وطبقة عالية، تخيلته ضابط إس إس متخفي كبياع متجول، قرر يجي على البلد اللي الموساد ولا عمرهم بفكرو فيه، في عُقر دارهم، القدس.

وبعرِفش كيف وقف باب محلنا وقت صلاة الجمعة، لما يبقى السوق فاظي من الناس والبياعين، والجميع في المسجد الأقصى للصلاة، وصوت تلاوة القرآن بتنسمع في الشوارع والزُقق،

وصارحني عن كل اللي في راسه،

هيذ …مرة وحدة،

  • الأولاد انواع، فيّ الضعيف، فّي الناصح، في اللي بتفرشا، اللي بتقّعد بالحضن، وفي اللي بوكله للبيض،
  • فيّ ابن العيلة اللي بحب ينتاك، وفي الفقير اللي ينتاك عشان ساندويش،
  • وفي الغشيم، اللي مش فاهم شو بنعمل فيهوهو يلحس حبة بوظة،
  • وفي حرّيف النيّاكة،
  • مرةأخذت واحد ع غزة، اشتريت له طقم أواعي، وغديته،
  • اخوالمنيوكة، لما كان تاعي جوا شد ع طيزو، وقال لي هلا بصرخ بلم عليك الناس،
  • قلتله بعطيك ٥ ليرات زيادة
  • بس ضَل إشد،
  • طيب بعطيك10  ليرات،
  • الكلب ضَل أشد
  • قلتله خوذ ال17  ليرة اللي معي، ت أرخى طيزو وإجا ضهري،
  • انا اخو منيوكة…لساني عسل …بجيب الولد عن بعد كيلو،

واللواط عالم ظل يبهرني من وانا ولد صغير،

وفي الأيام الاولى في المدرسة تسمع واحد يقول:

  • بنيكك!
  • كسأمك!

كلمات ولا مرة سمعتها في حياتي،

مثلا في الحمام العمومي تقرا واحد كاتب: بحب انتاك، قابلني هنا الخميس الجاي،التاريخ، الساعة،

ومرة طلعت على الباص ساعة مغربية وبقي في زلمة حاطط ولد مراهق جديد في حظنة، وأيده فوق زبرة الولد بلاعبه، والولد مبتسم بسذاجة، وبقي الباص بتعبى بالدكنجية اللي مروحين من محلاتهم والكل بدور ع محل يقعد فيه،

وفي تعبير معين على وجه الولد اللي بيبق ينلعب فيه,

تجحظ عينيه لقدام، وبرخي ثمه،

وقالو لي انه قبل 67 كان تحت جسر باب العمود مُلتقى البياعين المتجولين، والجاين جديد على المدينة، بقظو ليلتهم تحت، ومن بينهم شباب صغار مراهقين شاردين من قرى بعيدة، بتم استغلالهم وتعليمهم ع النيّاكة،

في الزقق بتشوف اولاد قُصر بحط الكبير ولد اصغر منه في حضنه، وبحط أيده على زبرة الصغير، وهو ويصدر صوتا هحا هحا هحا ، بلعبو لعبة الكبار،

مرة كنت في سينما الحمرا بحضر فيلم بورن لأول مرة،

زلمة اجا قعد جنبي،

وحط أيده على مسند المقعد، وصار شوي شوي يطير أيده لصارت فوق حظني بس بدون ما يلمسني، بس شعرت بقرب أطراف أصابعه بتستقطب راس زبرتي،

وانتقلت لمقعد جديد في صف لورا،

بس لحقني وقعد جنبي مره ثانية وعمل نفس الحركة،

وانتقلت لمقعد ثالث،

أبوي كان دائما يحذرنا من السينما، بنجن اذا عرف اني رحت السينما،

كان عند محل الحلويات  مراهق مختص بعمل البورما،

ولما كنّا وأصحابي من السوق نزور المعمل في الطابق العلوي، بتجحظ عينيه فرحان لشوفنتا، وهو يشرح لنا بشغف عن كيف تعمل آلة البورما،

على عجل كبير بدورجدايل العجين بتلتف حول حبات الفستق الحلبي، بطلع قضيب طويل من حلويات البورما، وبعدين بتتقطع بالسكين الي حبات صغيرة،

بقي اكبر مني بكم سنة،

غلام بالمعنى الفصيح للكلمة، وبشكل واضح كان معروف بميوله الشاذة،

شفايف عريضة زهر، عينين خضر واسعة، وشامه على الخد، وشعر خروبي أملس يفرقه علىجنب،

مرة قال لي

  • بدّياورجيك وأين بنام في الليل،

وأخذني ورا محل المحمص ،وبقي هناك غرفة لعمال المحل،

ثلاث تخوت امليات غرفة مخزن صغيرة، فش محل تمشي،

وما دخلنا الغرفة ازند الباب الحديد،

وقعد على التخت،

  • وقلتله بنات اليونان حلوات،
  • قاللي والأولاد كمان، تعال اقعد هون،

وجلس على جنبه زي العذرا، وصار يعض على شفايفه وهو يحتشي معي،

ويحني حاله علي بحاول يلمس أيدي،

نطيت على الزند، فتحته وهربت،

وفي يوم من الأيام سكر السوق بشكل فجائي نتيجة مواجهات بين الشباب والجيش،

وصارت الحجار تهر هر من فوق السوق،

وامتدت الهبة الي المسجد الأقصى، وسمعنا إطلاق نار حي،

وفي هظاك العصر خرجت جثث الشهدا محمولة على الاكتف،

ونزلوا الصناديق الخشبية السبعة على ارض السوق،

وفي واحد من الصناديق، شفته هناك نايم بابتسامته الفاتنة، وخصلة شعره الذهبية بتغطي جبهته البيضا.