السنيورة / أحمد ناجي

| أحمد ناجي |

| اللوحة: جيلان صفدي |

كنت شغوفا بكسها، كشغفي بالانترنيت. أو ربما كنت معلقاً بين الاثنين، ورأسي في المنتصف.

أقول رأسي لا قلبي، لأن هذه ليست قصة عاطفية أو إيروتيكية أو بورنوجرافية، لذلك لا أريد أن أجنح للمبالغات.  بالطبع َّلدي شغف عام بالكُس، لكن كسها بشكل خاص كان شغفي الأهم.  راقبته طوال سنوات علاقتنا عن كثب وملاحظة، فكرت أكثر من مرة أن أقوم بتصويره لكن خفت من ردة فعلها، فاحتفظت بالرغبة . مكبوتة كرغبات أخرى،  حتى انتهى الأمر بالخسارة التامة.

لا يزال ما ثلاً في ذهني، والفضل يعود إلى الأيام والليالي التي قضيتها مفتوناً بتقلباته وتحولاته المختلفة. عرفته ًنائما مضموم الشفتين، وسجلت بدقة كيف ينفتح كشمس تنبثق من خلف الجبال على شاطئ نويبع. رأيت كيف يُضخ الدم إلى شفتي كسّها عند الاستثارة فتتمددان وتتحولان من اللون الزهري إلى الوردي ثم إلى الأحمر. شاهدت آثار المداعبة بالأصابع عليه، وباللسان،  وكيف يتحول إلى عاصفة شمسية ذات لون أكثر اشتعالاً  عن بقية الكرة الشمسية الصغيرة أثناء وبعد النيك. كانت تَشمُّمي لرائحته ًأمراً م مُحبًبا للنفس، وكانت الرائحة تتبدل على حسب مزاجها ومزاجه ..

أحيانًا حينما كنت أستيقظ قبلها كنت أهرع إلى دورة المياه، أفرّش برائحة الفلوريد وأعود لأتسلل  بين فخذيها لتكون رائحته أول ما أشمّه. تذوقته في كل الأوضاع، وتابعت تغيّر  طعمه مع كل درجة ترتفع فيها نحو إلإثارة، وشجرة السعادة تتدَّلى علينا كما أوراق الجوافة. لو أغمضت عينيّ  وتذوقته بين سبع أكساس مختلفة لعرفته بطرف لساني، شيء ما صار مرتبطاً بينه وبين بقية حواسي.

لم يكن كسها هو المثير لجنوني فقط،، بل كل فتحاتها، كثيراً ما كنت أطلب منها أن ترقد على بطنها. أتصنع إجراء نوع من المساج لها، وأتعجل النزول بيدي إلى أسفل، أوسع بين ردفيها وأبدأ في تشمّمها وتمشية لساني بينهما. أتخيل ثبات المشهد والزمن لساعات طويلة تمتد إلى أيام وصوت “جريس سليك”  يأتي من  الخلفية ينساب متغلغًلا كنفس هادئ من الحشيش يأكل الدماغ بطيئاً، ها أنت تذوب والأرنب الأبيض ينتظرك على مدخل الحفرة.. .تتذكر حارس البناية الآن، كيف كانت البداية ًإذا؟

في أحد الكوابيس كنت ًواقفا ًمتجمدا على ضفة النهر بينما مجموعة ضخمة من الكلاب تنبح بوحشية وهي تقترب منيّ،  يكن الخوف من الكلاب بقدر ما كان المأزق هو الجسد ِّالمتخشب الذي فقد القدرة على الحركة ًدفعة واحدة. ركب العناد بعد ذلك ودلدل رجليه. كان هناك القليل من الصراخ والكثير من الدموع، وانفطر القلب أكثر من مرة، بدا كما لو أن السعادة َّتتبدد. كنا على ما يبدو قد شربنا سعادة بعضنا البعض.

“النص بداية قصة للكاتب المصري أحمد ناجي بعنوان (السنيورة) من مجموعته (لغز المهرجان المشطور) “