دليل استخدام الجيل الجديد من غسّالات الأطباق إل.جي/ هشام خدّاج

|دليل استخدام الجيل الجديد من غسّالات الأطباق إل.جي|

|هشام خدّاج|

|الصورة من عرض “ملحمة البلقان” لفنانة الأداء مارينا أبراهاموفيتش|

[في الخامس عشر من شهر شباط/فبراير سنة ستٍّ وخمسين وتسعمئةٍ وألف. السَّاعة الثانية بعد الظُّهر. صرخاتٌ بعيدة تُبحرُ في قاربٍ مطليٍّ بالزِّفت، على الجانبِ الآخر أجنَّةٌ تخضعُ للتَّحليل. خلايا تالفة. مكناتُ خياطةٍ قديمة معطوبة. أصابع مقطوعة ومكشوطة. مناشير وعظام وأجساد مطبوخة ومدخَّنة. عيون تتهاوى من محاجرها، تسيلُ وتختلطُ بالقيح والقشّ والغبار وأرجل الحشرات الهاربة المهروسة].

واسمُكَ. أنتَ وحدَك. لا شريكَ لك. في الزَّهوِ والجمالِ والإحباط، في المجدِ والقبحِ والجلال. في الصُّراخِ والصَّلاةِ والشَّفقة، في العفَّةِ والطَّهارةِ والابتذال. في القذارةِ والعفنِ والطَّحالبِ النَّاتئة. برائحةِ الدِّماءِ النَّجسةِ المعشوقة. اسمُكَ أنتَ وحدكَ باقٍ خلفَ الحروبِ الضَّروريَّة والهزائم والقوافي المرافقة.

لأنَّكَ مدنَّس. بأزمان. بحكاياتٍ مطرودة. بالغزل. بالقصصِ المرشوشة حولَ الطَّعنات. بخرائط. بحيضِ عينين مغوليَّتين. مُطهَّراً بعصارات الإحليلِ ألقيْتُ في جوفكَ توأم “أعدْ لي قلادةَ أمِّي”.

ببالغِ الغرورِ والبهجة وأمرٍ مضحكٍ آخر. أشياء تافهةٌ أكثر. ثمَّةَ من يريدُ اعترافاً دوليَّاً بأنَّهُ من جنس البشر. أريدُ اعترافاً مماثلاً بأنَّني حيَّة. وأنَّني مومياء. وأنَّني قطَّةُ راوٍ قضَتْ في معتقل.

عميقاً. جُوَّانيَّاً. شهوانيَّاً. وجهُكَ الآنَ محمومٌ وحلماتُكَ رطبة. سُرَّتُكَ مخضَّبة. وأصابعُكَ العشرونَ مُحنَّاة. فخذاكَ متباعدان، وخصيتاكَ مشدودتان تجمعانِ الأسماءَ الغريبةَ للنِّطافِ الذَّابلة. ماؤكَ يقطر ورهزاتك عويل.

أنتحي مكاناً قصِّيَّا. زاويةً منفرجة. كهفاً لم تصلْهُ عناكبُ النَّسيج.

أنتَ تلهث. عيناكَ زائغتان مُلاحَقَتان. عيناكَ مثقوبتان. مفقوءتان. ألوكُ جلدَكَ المشعِر، ألتهمُ أكبادَ مرسَليك الهائمين. أتقيَّأُ تعاويذَك المقدّسة. وتمتصُّ بلا خوفٍ بلا رحمة، ودونَ الهواجسِ المنحطَّةِ للإحساسِ بالذَّنب، تمتصُّ دميَ الجاريَ كساقية. تلحسُ أغشيتي المحايدة بشبقِ كلْبٍ أليف.

  • ابتلعني أيُّها الحوتُ الغابر. أنا الممقوتُ المشتهى كالموت، غوايتي أن أعميكَ وأشقى، أنا دواهي صحراءٍ حجريَّة. أنا يأسُك المخادع. وجهُكَ إذ تعتريكَ بقبقاتُ ثعبانٍ كليم. رغبتي أشَقُّ من يقين، حيلتي أن أستريحَ ملتفَّاً خانقاً قلبي بدماغكَ المسطّح.

عندما قطعوا رأسي صحْتُ كمثل امرأةٍ مرجومة. كنْتُ أراهُ يتدحرجُ ليس بعيداً عنِّي. عينايَ في مكانهما ورأسي مقطوف. شخصيَّةٌ بلا رأس. بلا وجه. بنصفِ عنقٍ وعينينِ ثابتتينِ في العدم.

دعِ احتقارَكَ جانباً الآن:

أعطنِي نفسَكَ أُعِدْكَها في ثمالةٍ وفي سكون. متخفّيةً متربِّصة. برَّاقةً غامضة. عذبةً مهولة. عجيبةً ومبهمة. ساقطة خرقاء فاجرة كما الحقيقة. دعني أخيفكَ قليلاً بقناعيَ الممسوح. تصلَّبْ. تكسَّرْ. تمطَّى. تمدَّد. تماهَ. تنفَّسْ. أنكرْني. تراخَ.

هنا في حروفٍ من صديد تركْتُ لكَ روحَكَ. ماءَكَ. دمَك. هنا في هيكلي ظلُّك. والزَّمنُ الذي كنسيجِ لحمٍ متفسِّخ. أنا عدوّك.

تذييل: أعتقد أنه من المفيد استخدام المفعول المطلق في سرد سير حيوات موظفي البلديات والمصالحات الوطنيّة والعلاقات الدولية المتوتشرة.

تنبيه: للاستعمال الخارجي فقط.