ها أنا عالق مع مفرش الطاولة الدمشقي \ راجي بطحيش
|راجي بطحيش|
ها أنا عالق مع مفرش الطاولة هذا، مفرش باب الحارة وكل المسلسلات السورية.. نفس المفرش الذي تركته أمي في المنزل وتركتني معه لنعد ما تبقى من دقائق وأيام وشهور ..لكن مفرش الطاولة لا يعرف العد بل يعرف تجميع الأغبرة التي لن يبقى من يزيلها ..
انتشر هذا النوع من الأغطية في دمشق أو الشام في سنوات السبعين البهية من القرن العشرين…ومن ثم عبر الحدود ..إلى أين ؟ إلى هنا “طول عمرك يا زبيبة” ..الحدود مقفلة طيلة عمرها وهي مقفلة الان أكثر من أي وقت مضى ..لا أمي بقيت ولا الشام سلمت وبقي هذا المفرش المطرز بغير عناية فائقة والشهير ..اذكر عندما كنت أصغر كنت اتراهن مع جدتي ومن ثم والدتي قبل كل مشهد في أي مسلسل سوري من فئة “البيئة الشامية” أو الدراما الاجتماعية بان المفرش سوف يظهر أثناء تجهيز “ست البيت” القهوة للمرة الألف خلال الساعة التلفزيونية ، فكل قطع بين مشهد وآخر ينتهي بفنجان قهوة جاهز أو أن أحدهم يغليه ليقدم على أغطية كثيرة مثل هذا الذي تبقى لي..هنا أمامي..
***
كأس العرق له في الشام طعم آخر..أسطوري وخرافي وما بينهما
إضافة إلى اللوز الأخضر
اما طبق التبولة فهو حكاية أخرى..هو متبل أو فلنقل مجبول بكل ما هو ساحر..بالخير والوفرة
طبق التبولة كان يصنع في الشام بينما يجري نبع خاص من تحته
كل طبق في الشام له نبعه الخاص الذي يجري تحته أثناء تجهيزه ، الحمص، البابا غنوج، اليلانجي ، المكدوس، والكبة …آخ من الكبة
الشلالات تتدفق بين صواني الكبة…أما الماء فطعمها مسك، والقهوة طعمها زنبق، والحليب رائحته ياسمين، والليمون يقطر عسلا..والجبنة البلدية تفيض حنانا..
هذا ما كان يقوله أبي عندما كما نجلس سوية لمشاهدة مسلسل سوري قبل ظهور المفرش وبعده
مات أبي
واتضح بعدها في جهاز كشف الكذب الذي خضع له في المطهر أنه كان يكذب…طيلة الوقت
وأنه لم يزر الشام أبدا
وأن لا مكان أسمه “الشام” على الخريطة أصلا، وأنه مجرد اختراع للرومانسيين المغالين في اشتياقهم لما لم يكن أبدا
ثم ..ماتت أمي
فكيف وصل هذا المفرش من الشام إلى هنا …
لا علينا..
وها أنا أحاول تهوئة البيت
وأجلس أمامك أيها المفرش الغبي…علني انجح في شرب فنجان واحد من القهوة ..فنجان واحد قد ألطخك بتفله