الرجل ذو العينين الجميلتين \ تشارلز بوكوفسكي

| تشارلز بوكوفسكي |

| ترجمة: علي لطيف |

عندما كنا أطفالاً

كان هناك بيت غريب

ستائره مغلقة في كل الأوقات

لم نسمع أي صوت أبداً

من ذلك البيت.

الساحة كانت ممتلئة بأشجار الخيزران

وكنا نحب اللعب بين أشجار الخيزران

كنا نتظاهر أننا طرزان

(بالرغم من أن جاين لم تكن موجودةً معنا) .

وكانت هناك بركة 

بركة كبيرة جداً

مليئة بأسمن أسماك ذهبية

يمكن أن تراها في حياتك

هذه الأسماك كانت أليفةً أيضاً.

كانت تطفو على سطح البركة

وتأكل قطع الخبز الصغيرة من أيادينا.

قال لنا آباؤنا:                                  

“إياكم والاقتراب من ذلك البيت”.

لهذا السبب, بالطبع ذهبنا

تساءلنا إن كان أحد ما يعيش في ذاك البيت,

أسابيع مرت علينا, ولكننا لم نرَ أي أحد.

وفي أحد الأيام 

سمعنا صوتاً قادماً من البيت

“أيتها العاهرة الملعونة!”

كان الصوت صادراً من رجل

بعدها فُتح باب البيت بقوة

وخرج الرجل من البيت.

كان يحمل زجاجة ويسكي

في يده اليمنى.

كان يبدو في الثلاثين من عمره.

كان يضع سيجاراً في فمه

ووجهه يحتاج إلى الحلاقة.

شعره كان كثيفاً وغير مرتب

وكان حافيّ القدمين

ويرتدي قميصاً داخلياً وسروالاً.

ولكن عيناه كانتا ساطعتين

عيناه توهجتا بتوهج غير مسبوق وقال لنا:

“أيها السادة الصغار, تقضون وقتاً جيداً حسب ما آمل؟

أليس كذلك؟”

ثم ضحك ضحكة صغيرة

وعاد مجدداً إلى البيت.

غادرنا بعدها

وعدنا إلى ساحة بيتنا

وفكرنا بما قد حدث أمامنا.

آباءنا, كما قررنا بعد التفكير

أرادوا ابقائنا بعيداً عن ذاك البيت

لأنهم لم يرغبوا لنا برؤية رجل كهذا

رجل قوي وحقيقيّ بعينين جميلتين.

آباءنا كانوا يشعرون بالعار

لأنهم ليسوا مثل ذاك الرجل,

لهذا أرادوا منا أن نبقى بعيداً عن ذاك البيت.

لكننا في النهاية, عدنا

عدنا لذلك البيت ولأشجار الخيزران

وللبركة والأسماك الذهبية الأليفة.

عدنا في العديد من المرات

ولعديدِ من الأسابيع

ولكننا لم نشاهد أو نسمع من الرجل

مرة أخرى.

الستائر كانت مغلقة كالعادة

وكان الجو هادئاً.

وفي أحد الأيام

ونحن عائدون من المدرسة

رأينا البيت

كان قد احترق بالكامل

ولم يبقَ منه أي شيء

بعض الأساسات المتفحمة فقط لا غير.

ذهبنا إلى بركة الأسماك

فلم نجد فيها أي قطرة ماء

والأسماك الذهبية البرتقالية

كانت هناك ملقاة ميتةً وتموت.

عدنا إلى ساحة بيتنا

وتكلمنا عما حدث

وقررنا أن آباءنا قاموا بحرق ذاك البيت

قتلوا سكانه, وقتلوا الأسماك الذهبية

لأن كل شيء هناك كان جميلاً

حتى الغابة الصغيرة من أشجار الخيزران احترقت بالكامل.

آباؤنا كانوا خائفين 

خائفين من الرجل صاحب العينين الجميلتين

بعدها أصبحنا نحن خائفين

أنه خلال حياتنا 

أشياء مثل هذه ستحدث دائماً

أن لا أحد سيرغب في رؤية شخص آخر

قوي وجميل مثل ذاك الرجل,

وأن الآخرين لن يسمحوا أيضاً بذلك,

وأن العديد من الناس سيموتون من أجل هذا السبب.