بلادي هي الطوفان \أليخاندرو باكا
| أليخاندرو باكا|
بلادي هي الطوفان
الذي لم يتوقَّف مرَّةً عن الهيجان.
هزَّةُ القطارات
في الصباح،
قطارات الرمال
التي تُحدِّدُ صباحات المساءات،
بلادي
مساءات الليل.
بلادي ليست من خبزٍ ولا نبيذ.
النبيذ نشربُهُ
الخبزُ نُخزِّنُهُ
في الخزائن المهدَّمة.
بلادي
الخزائن المهدِّمة
التي تُبعدنا
عن ديدانٍ تلتهم الأحلام.
بلادي
خشبٌ فاسدٌ
من شمسٍ وظلٍّ.
بلادي مطرٌ
لخلايا طحالب.
بلادي ليست طحالب،
بل احتراقٌ ويأسٌ
البعض يهرب مثلي من الانهيار
نستقرُّ في الرطوبة
المتشكلِّة في معابدنا
ونتساءل
من نحن؟
ونتساءل
أين نحن؟
ونتساءلُ أخيراً
ماذا نحن؟
نعلم أنَّنا تائهون
كالخبز الذي يُشكِّلنا،
نعلم أنَّنا ذاهبون
للنبيذ الحامض
للعاصفة الثلجية
نعلم أنَّها تمطر في الخارج
وأنَّ كلَّ خطوةٍ
هي حجرُ نردٍ ملقى به في الهاوية.
ورقة شدَّة.
صيحةٌ مفرطة تضيع
في صفير الصراصير المتقطع،
في طوفانٍ
لم يتوقف مرَّة
عن الهيجان.
بلادي ليست لغتي
وبهذا فنحن الذين هجرنا خليَّتنا
لم نتفاهم أبداً
مع بقيَّة المهاجرين.
اليوم تعارفنا
حينما لمسنا ظهور بعضنا،
حين شعرنا بالبرودة التي تخفي ملامحنا.
بلادي هي الطريق،
الأربعون يوماً،
الأربعون ليلةً،
بلادي نحنُ
ونحن
من يأكلُ
ويشربُ
ويتشكلً من الطوفان.
القطرات الجافَّةُ،
نزول المطر المتقطّع.
حدَّثَنا أحدُهم مرَّةً
من الأراضي البيضاء
من أراضي العسل الحامضة
التي تثير الاشمئزاز.
اليوم، يؤمن بعضنا.
اليوم بدأت الأسئلة،
الطريق،
وبلادي
كانت هزَّةُ القطارات
صباحاً.
في إحدى المرّات
هل شعرت مرَّةً أنَّ الليل
يحدِّثُك
من زاويتيْ الشفتيْن
وينتشر بين الأرصفة
من جسدٍ متوازٍ دوماً.
هل شعرتَ بالبرد؛
أسألك،
هل شعرتَ
بالخوف والرعب.
بحزنٍ عنيدٍ يُنسيك
ساعة الشروق والمغيب.
حينما تترشَّحُ قطرات المطر الراحلة
التي لا تتكرر
وتسأل نفسك وأنت أصم
إن كانت كل حطام السفن محمَّلةً
بأحجار كريمة
أو أنَّها كانت تحمل جذوعاً منقسمة
لتعزيز قوَّتها.
أعرف أنَّك شعرت به،
أعرف جيِّداً أنَّ ظهرك ارتعش
وأنَّك ثملت من الألم
تحت شجرٍ بلا ظل،
مزروعين في ليلة صيف
تؤطِّرُنا
تعرف أيضاً الأنهار المتقطِّعة
وحِمية حوريات البحر
)السابحات في كهفٍ مائي(
وما زلت تجرؤ على البكاء أمام عظامي.
روح القناطير
رسالة 1
حينما غادرت السفن، كنّا نحن، الطحالبُ التي تنمو حول الكاتدرائيّات، قد انتهينا من تغطية كلِّ الحروف. كُنَّا النسيان، والمطر الذي كان بعيداً، أظهرَ لنا الحياة في حوض استحمام. لم يتذكَّر أحدٌ الطرق المُعبَّدةَ التي أعادتنا لوطننا، شَكرنا كلَّ حجرٍ ملونٍ تحت نشيد الببَّغاء. كانت رقصةَ هرمونيكا. ضلَلْنا الطريق وصوت الشمال كان بَرَداً أسود، غباراً وكلساً.
رسالة 2
حينما كانت السيقان الجافة تذوب في المراعي المرصوفة بالحصى، وكانت السهوب تخلقُ ممرّاً للسماء، فهمنا أنَّ الهروبَ مستحيلٌ من قوسٍ منكسرٍ يؤطِّرُنا. كنَّا السهام المثبَّتةَ في الأرضِ والصيف أوشك أن ينتهي.
* Alejandro Baca شاعر مكسيكي من مواليد 1990
** ترجمة عن الإسبانية غدير أبو سنينة
(العربي الجديد )