الأصابع الخمسة \ رشيد الحاج عبد اغبارية
| رشيد الحاج عبد اغبارية |
تصلبت أصابع اليد الخمسة لتؤشر في خمسة اتجاهات مختلفة , متباعدة بتنافر واضح إثر جدال دار بينها .
بدأ الإبهام بالحديث قائلا:
“أنا الإصبع الأقوى والأهم فبدوني لا تستطيع اليد إلتقاط الأشياء “.
صرخت به الأصابع الأخرى: “أسكت أيها السمين فقد مُسخت لتجلس في أسفل السافلين تنظر دائما الينا من الأسفل فننخفض حتى نلتقي بك “.
انكمش الإبهام على نفسه ليلاصق راحة اليد غاضبا وخجلا في ذات الوقت .
قفز الخنصر مفتخرا بخصره النحيل مزهوا بنحافته وبموقعه الجانبي غير المضغوط في الوسط ,
ضحكت باقي الأصابع من هذا الزهو الفارغ حيث اعتبرته الإصبع الأقل استعمالا بل لو أننا خيرنا اليد أن تتخلص من أحد اصابعها لاختارت الخنصر دون تردد , وما نحفه الا دليلا على قلة الحاجة اليه .
انطوى الخنصر أيضا على نفسه حتى لمس اوله آخر الإبهام .
شعر البنصر بأن الساحة قد خلت له فأفرغ طوله محدثا السبابة بأنه الأصبع الأهم , فهو يحمل خاتم الخطوبة والزواج ليحفظ العهد بين المحبين , بينما ردت عليه السبابة بأنها مركز اليد التي بها يشير الزميل الى زميله ويلوح بها المسلم في صلاته , تحول جدال الندين الى معركة كلامية عندما اتهم البنصر السبابة بانها اقذر الأصابع حيث يضعها صاحبها في اقل الأماكن نظافة في جسمه ويمسح بها الأوحال والقاذورات , بينما ردت السبابة بأن البنصر هو أقل الأصابع تميزا ولا تكاد توجد صفة بالأصابع يتفرد بها سواءا طولا أو قصرا أو سمنة فهو دائما يصل الى مكان متوسط رمادي بين الأول والأخير .
أفرغ الصراع بين الإصبعين رغبتهما في الوقوف لينكفئا على عقبيهما عودة الى راحة اليد .
وحدها الإصبع الوسطى بقيت ساكتة طوال هذه الفترة , لتبقى منتصبة في مكانها لا تنوي على شيء سوى الشرود في نظرها الى بقعة غير منظورة في الأعلى .