المدن نساء حلم متأخر مهيب البرغوثي
| مهيب البرغوثي |
| الصورة من حي القطار باللد |
**
القدس
امرأة يسكنها خوف قرون
تنام على طيف قزح
تحلم
تلاحقها الأبدية
تهبط المنحدر
رويداً رويداً
تخبئ أنوثتها في صوت المطر !
**
رام الله
امرأةٌ تلتحفُ رصيفَ الشارع
كشجرةٍ مسنةٍ
تمسح باستمرارٍ الغبارَ عن شفتيها
تلامس نهديها بخفة ظبيّ
تنتشي حين يمر الهواء بين فخديها
تراقب طيورَ طفولتِها
ترحلُ نحو البعيد !
**
حيفا
امرأةٌ على شاطئ الليل
تحرسُ شهوةَ الصيادين
تفاجئها سحابةَ دخان
تدخلُ البحر
ينكسرُ صمتُها في صَدَفِ الماء !
**
الناصرة
امرأةٌ تزعِجُها لحيةَ الجارِ وتلميحاتِه
اللطيفةِ والثقيلةِ
تحب القصص الواردة في الكتبِ المقدّسة
يهتزّ الصليبُ على صدرِها المستفزّ
كلما تحرّشَ أولادُ الحارةِ بها
وتُتمتِمُ مرتعشةً : المجد
لكِ
يا
مريم !
**
يافا
امرأةٌ يسيّرها الماءُ
وحكمةُ الحجارة
وكلما جاءت دورتُها لفّها البحرُ في عباءتِه
ورحَل !
**
اللّد
امرأةٌ أعمتها لفائفُ التّبغِ
سرقةُ التراثِ
ودثرُ التاريخ .!
**
الرملة
كم هي مرعبةٌ عتمةُ الرّغبةِ
حين تتحولُ إلى مدن !
**
غزّة
امرأةٌ تركضُ خلفَ فكرةٍ عاليةٍ تمحو بها
كلَّ من يبحثُ عن الخلود
تحاولُ النجاةَ من العالمِ عبر قاربٍ صغير
كانت قد صنعتهُ من لحمِها في مكانٍ بعيد
يشبِه المنفى !