جنون باولا أسمى العطاونة
| أسمى العطاونة |
تمشي باولا مهرولة صوب العربة
تحمل صليبها وتقبله
لباولا توتر حاد، اليأس يرهقها كعادته
الألم يغرس أسنانه في لحمها الأبيض
كعضة الأفعى
دقات الساعة تشير إلى الرابعة فجرا
الشوارع مليئة ببرك المياه الملوثة
جرذ جائع يبحث عن فتات يتساقط عن الموائد ليشبع
في ظلمة الأزقة المجاورة
حيث تغفوا العاهرات
برك من ماء المطر
تشكلت في حفر من الطين هجرته حجارته
ينعكس على سطحها وجه الله
ينيره ضوء خافت ينبعث من سراج باولا
تجر ذيل فستانها
ترفع بطرفه إلى بطنها
تدعس بنعلها الجلدي في البركة
تزيح بأظافرها غيوما سوداء غطت عينيها
وتصعد في عربة انتظرتها دهرا
تغطي بتنهداتها زجاج النافذة
وتطل من خلالها على حلمها
رأته مشوها ذو قرح نتن
صهيل لأحصنة تضرب بحوافرها الحصى
العجلات تدور
لتبعدها إلى خارج حلمها
الصقيع بات كلدغة عقرب
يتخلل خروقا
في ثوب يخنقها
ويكتم بشدة حركات لخصرها
لشعرها الملتف حمرة
كوريقات الورود
أو كزجاجات النبيذ
التي تُركت لتتخمر في الأوعية العتيقة
صعدت إلى أعلى التلة
ألقت نظرة أخيرة في اتجاه العربة تبتعد
وتندثر بين سحب من الضباب
بكت بكاء مرا
النعاس أثقل جفونها
ألقت برأسها على جذع شجرة
لعنة المشعوذات تتناثر في الهواء
تلتف من حولها
تنبعث روائح لأجسادهن من أكوام من الحطب المتراكم
الريح والحلم
عاشقان يتحدان
ويتألمان في سكون
في هذا الوقت المتأخر من الفجر
أحبها بشفتيه وقلبه كان بعيدا عنها
تنتظره هي كعادتها
وحين لا يطل
تجرح شريانها بحجر
تسقي قطرات من دمها
لغصن ميت تكوره وتخبؤه في رحم شجرة
كتعويذة تحفظ أملها من أرواح شريرة
وفي أحيان أخرى
تمسك بالغصن الميت
تبلله بحبيبات من حزن يسيل من تقرح في قلبها
وتغمسه في ماء الجدول
ليبزغ من بين كتفيها جناحان أسودان
يذبلان كلما اشتد حزنها
وينفصلان كحلم يفارقها
ويتركها وحيدة
لليأس
يغطيها بالغيوم
ويدفنها بين أكوام من رماد
تولوز فرنسا