رحلة إلى الدرس تمارا ناصر
| تمارا ناصر |
بحدود الخامسة والنصف من كل فجر تقريبا، يبدأ ذلك الشيء الذي يسلبني من وضعيتي المتكلفة، اذ ابعث يدا غاضبة نحو كف قدمي الايسر، فاكشّر عن مخالبي، حتى ابدأ صحوتي بهرش نقطة الجحيم تلك التي بين اصابع رجلي. تضايقني لمدة 5 دقائق فقط لا غير، كما لو انها كوة عضوية تتسع عندما تئن عقارب الساعة. نافذة الى الوعي الباطني. تمتص روح ما، قد تكون لي، قد تكون لاخرى، ويحتمل انها للجميع. يتوقف ذلك الشيء عن الحكة، فأعود لنوم قصير قبل ان تنال مني اليقظة.
امد يدا لاتفحص اذا ما زلت املك 10 اصابع. يبدو لي احيانا انني قد افقد هذه المخاليق الزائدة خلال حرب دامية بين كف يدي وكف رجلي، حرب اهلية، نعرف مسبقا من فيها القوي ومن الضعيف. دماغي ينحاز الى 10 اصابع يدي، تربطه بها علاقة وطيدة، سريعة وحميمية. عندما نأمر- انا والدماغ- اصابع اليد بالتحرك، تتحرك دون تردد. بعدها نطلب منهم، كل اصبع على حدة تقديم ادائه الخاص والبهلواني، فتفتتح السبابة العرض وتقوده، وعندها تتقوس الوسطى بدقة وثبات ومهارة، بعدها يتقدم الثلاثة الاخرون. الابهام مساعيه حثيثة، اما الخنصر والبنصر تجمعهم علاقة تكافلية من جهة وعلاقة تنكر للاخر من جهة اخرى.
ولكن، وللاسف كما يقال، علاقتنا بالعشرة في الاسفل ليست افضل ما يكون. للاسف طبعا. لا نعرفهم. لا نعرف اسماءهم حقيقة، نعرف بينهم الكبير الكبير، وبالكاد نرى الصغير الصغير. عندما نأمرهم بشيء فيعملون كلهم سوية، هذا صحيح. ولكن عندما نحاول استكشاف كل اصبع على حدة، تنهر بنا كتلة الاصابع كلها. لا توجد لديهم خواص تميز الواحد عن الاخر، يبدون لنا جميعا متشابهين، فهم غرباء جدا، لا يشبهون اصابع كف اليد الحبيب. ولكن لا بد قول شيئ لصالحهم، لولاهم لما كنا قد وصلنا الى هنا. واين هذا “هنا”؟
قبل ان أفتح باب الغرفة، حيث تتكدس مئات الاصابع، في قاعة التدريس. اطلب من الجميع الصمت. امرهم بالخضوع لي وتأجيل الحرب الاهلية هذه، لاننا في هذه اللحظة ندخل معركة اشرس، حيث يتواجد عدو لا يعرفونه. اطلب منهم التأهب، لانه في هذه الاثناء، سيشن هجوما عنيفا، على القلب.