من نحن
كانت غرفتي المفضلة في بيت جدتي (والدة أبي) والواقع في شارع بولس السادس على الخط الفاصل بين البلدة القديمة في الناصرة والمدينة الجديدة، تدعى “الأنبوب” وهي غرفة مظلمة، ربما كان شكلها على شكل الأنبوب فعلا، لا أعرف بالضبط لماذا سميت هكذا أو من سماها، كانت جدران الغرفة وسقفها البيضاوي جميعها سوداء، نتيجة للشحبار المنبعث من مواقد المازوط. كانت جدتي القوية تقوم بكل وظائفها المنزلية “القذرة” والتي لا ترغب بأن يراها الضيوف وخاصة سيدات الطبقة الوسطى المتشكلة حينها ، في هذه الغرفة، كتنظيف الدجاج والفوارغ، وقلي السمك والخبيز في الفجر وتجهيز المؤن الشتوية ، كانت رائحة الغرفة مذهلة وهي محصلة كل هذا إضافة إلى محصلة السنوات، والفقدان ومحصلة الدموع على من غادروا ولم يعودوا بعدها أبدا، كان الأنبوب ملجأ جدتي هروبا من استحقاقات المجتمع المتطلب، وكأنه كان مرتع وموقع تجاربها وفعلها التجريبي…وهكذا هو أنبوب المختبر الذي ننتظر إما أن ينتج عنه ما هو جديد وإما ألا ينتج شيء وإما أن ينفجر محتواه في وجوهنا. ولكن ومع كل هذا لا شك أن الأنبوب يحمل رائحة ورهبة وإثارة الغرف المظلمة.
في موقع “الأنبوب. نت – للنصوص الأدبية والفنية سنحاول الإمساك بلحظات واحتمالات النص الأدبي الفلسطيني والعربي الجديد بتجاربه وتجريبه بدون فرض حدود كلاسيكية بالية وأبوية قامعة ومن دون أن يخولنا أحد للقيام بفعل القمع هذا ، بل سنترك هذا الفعل للقارئ وذائقته مع الحفاظ على سقف جمالي ما . فبين الشعر والنثر والسرد هنالك بالتأكيد أجناس أخرى لا داع لتعريفها في هذه المرحلة التي يتفكك فيها مفهوم الهوية ليعاد تشكيله من جديد بصيغة يسكنها الغموض والخوف.
هيئة التحرير : راجي بطحيش، عمار المأمون (سوريا).
raji.bathish@gmail.com: ارسلوا نصوصكم الى العنوان الالكتروني