رأفت والمستر ستيل\راجي بطحيش

|راجي بطحيش|

لم يدخل رأفت إحصائية القتلى السنويين في حوادث العمل والتي تطورت في سنواتها الأخيرة وتمحورت في السقوط الحر من ارتفاع عالي، بسبب بناء الأبراج المكثف في منطقة تل أبيب الكبرى والتي نمت مثل الفطريات في أعقاب المطر، وقد غاب أسمه الكامل عن نشرات الأخبار ومواقع الانترنت الإخبارية فقد اكتفوا بوصف “شباح” أي مقيم غير قانوني..أي أنه إنسان من الضفة الغربية أو قطاع غزة لا يحمل ترخيص عمل ساري في إسرائيل، حتى الإذاعات الفلسطينية في مناطق الـ 48 لم تذكر أسمه الكامل في نشراتها ، حيث لم يكن لديها الوقت للتحقق من أسمه الكامل وعمره ومكان إقامته وإن كانت إحدى الإذاعات قد ذكرت أنه من منطقة نابلس.   كانت الشقق التي تبنى بأبراج عالية في تل أبيب تبدأ أسعارها من مليون دولار ، فكان أمثال رأفت من “الشباحيم” وبعد إنهاء عملهم فيها لا يحلمون حتى بالعودة إليها كخدام فيها وهكذا لم تكن تنطبق الجملة الواقعية والميلانكولية التي قالتها هند لكاميليا في الفيلم الذي يحمل نفس الأسم عندما باتتا ليلتهن في إحدى الأبراج قيد الإنشاء في قاهرة نهاية الثمانينات “بكرا أسيادنا يسكنوها ومش بعيد نخدم عندهم كمان” تنطبق على مثل حالة رأفت لأسباب عدة أغلبها أمنية..

كانت علاقة رأفت مع السقالة التي يجب الوقوف عليها لممارسة العمل، إشكالية جدا، فقد كان يخاف الوقوف عليها والنظر إلى أسفل حيث تنتظره هوة سحيقة فاغرة فاها لابتلاعه، ولكنه فضل عدم كشف هذا الخوف لسببين وربما أكثر قليلا ..أولهما خشيته من خسارة العمل وعدم إيجاد بديل وخاصة أن معظم ورشات العمل في تل أبيب ومنطقتها تتمركز في أبراج سكنية ومكتبية عالية تتصاعد بسرعة قياسية كلعبة الليجو..أما السبب الثاني فهو خشيته من كشف هلعه هذا كيلا ينظر إليه بقية طاقم العمال على أنه “نواعم” وليس رجلا بما يكفي ما قد يعرضه للتنمر أو التحرش وبالتالي خسارة عمله..وبما أنه لم يكن يمانع بتذوق الأجساد الفتية والصلبة التي تحيطه من جهة، كان جهة أخرى كان يخشى من أن تفوح رائحة الدنس والفحشاء في الورشة فيخسر عمله بفضيحة هذه المرة…وهكذا قرر رأفت بينه وبين نفسه عدم النظر إلى الأسفل قدر الإمكان أثناء وقوفه على السقالة بل تركيز نظره أفقيا أو النظر إلى أعلى.. وخاصة  كلما عبرت طائرة ركاب بارتفاع منخفض استعدادا للهبوط في مطار “بن غوريون” غير البعيد من هناك وهو الذي لم ولن يركب طائرة ركاب تجارية خلال حياته القصيرة.. في استراحات الغذاء والقهوة كان زملائه الأكبر منه يتأملون كفتا يديه ويهزئون منها بتحبب وليس بلؤم أو استعلاء بداعي أنها لا تزال ناعمة تشبه أنامل البنات وسيستغرقها القليل من الوقت متنقلة بين الورشات متباينة القرف والعذابات حتى تصبح خشنة بما يكفي بحيث تليق بلقب رجل مكافح حقيقي..لم يكن هذا الكلام يزعجه أو يهينه..بل على العكس كان يدغدغه في أماكن ما في جسمه ويؤجج لديه الشعور الإفتراضي على الأقل بكونه الدمية الناعمة والطرية التي يرغب الجميع باللهو بها ومداعبتها واستخلاص أو امتصاص كل الرقة والجمال من بين أضلاعها علها تكون بلسمًا يرطب قليلا من خشونة الوجود وتقيحه.

بعد أن ذاع صيت تل أبيب كعاصمة المثليين في الشرق الأوسط مع أن أحد في الشرق الأوسط لا يستطيع دخولها أو لا يريد ذلك ..قرر صاحب استديوهات فالكون تصوير فيلم إباحي مثلي فيها، تجري أحداثه أو ممارساته على احد أسطح العمارات القديمة مستغلا الفضاء حتى أقصاه وكانت الثيمة الرئيسية للفيلم هي الـ DP أو الإيلاج المضاعف وقد جُلب لهذا الغرض أشهر نجوم البورنو في العالم روكو ستيل المشهور بأيره الكبير والسميك في ذات الوقت ، أيره الذي لا يرتخي أبدا والجاهز للاستخدام في كل مشهد وكل إعادة والحاضر لقذف كميات غزيرة من المني الأبيض الطازج مع أنه تجاوز الخمسين وذلك بعد دقائق طويلة من الإيلاج المتواصل، بجسد رجولي طبيعي لم تشوهه معاهد اللياقة أو حقن البوتوكس والنفخ، كان ستيل لا يغير دوره في الأفلام فهو الفحل الذي لا يلجونه أبدا وإن كان يستخدم لسانه الشهير كثيرا لمص أيور شركائه ولحس شروجهم بنهم مجهزا إياها للولوج العظيم.

تم اختيار موقع التصوير بحيث يبرز تل أبيب كمكان يدمج بين الحداثة الغربية والحيوانية الشرق أوسطية، مكان طبيعي للتحرر الجنسي والانطلاق وتبادل الشهوة في الهواء الطلق، مع استغلال أكبر قدر من الفضاء لممارسة المجون أو تمثيله، لكن الموقع لم يكن محاطًا بعمارات مسكونة بل بهياكل لأبراج عالية قيد الإنشاء، لا يقطنها أناس طبيعيون ..بل تظهر بين الفينة والآخر خطوط بنية متحركة تشكل نسخًا من أشباح غير مرئية.

كانت الفكرة ألا يتم الاكتفاء بوضعية الإيلاج المضاعف التقليدية، بل تصوير وضعية مبتكرة نسبيًا، بحيث يتم إطلاق تقنيتها من عاصمة الحرية الأبدية، فإلى جانب ستيل تم اختيار ممثل شاب مكتنز بطيز كبيرة وشرج يبدو أن الزمن قد جرب عليه الكثير بحيث أصبح جاهزا لكل شيء ولكل تجربة يدخله الله فيها، كما تم اختيار مولج آخر بأير طويل أيضا ولكن ليس بسماكة شيء روستو ستيل، وبملامح حيادية وجسد تقليدي بحسب مقاييس الصناعة، بحيث لا يحجب نجومية ستيل وفحولته.

كانت الوضعية الأولى عادية وتتكرر في الكثير من الأفلام التي تعتمد نفس الثيمة، فقد جلس روكو ستيل على حافة داخلية للسطح وجلس الشاب ذو الشرج العجيب عليه بشكل موارب، ثم وبعد تكيف الجسدين الملتحمين سويًا جاء الرجل الثاني أو الثالث وانقض بحركة الكلب بسيفه الأبيض \الوردي على الحيز المتبقي من فتحة الشرج من الأعلى عند المغدور السعيد..أما الوضعية أما الوضعية الثانية فقد كانت أكثر تعقيدا وتتمثل بأن ينام المولجان أرضا على ظهرهما بشكل معاكس على أن تتشابك سيقانهما بحيث يتوازى ايرهما  ويكادا يتلامسان، وبخلاف الوضعية التقليدية الأولى يفقد الشرج مرونته وانحناءات الحركة التي باستطاعتها توسيع ممراته وتصبح  عملية الجلوس مباشرة على أيرين متوازيين صعبة للغاية ومؤلمة وتكاد تكون مستحيلة، ولكن وبعد عدة إعادات لترتيبات تموضع الممثلين وهو أمر لا تعشقه صناعة البورنو، خوفا من هدر ساعات عمل ثمينة وفقدان حالات الهيجان لدى الممثلين، ما يتطلب المزيد من الوقت وجهد التهجيج على ما يترتب عليه من عقاقير خاصة وأمور أخرى، تم تصوير اللقطة الجانبية من زاوية مرتفعة التي تُظهر أن المفعول به جلس على الأيرين، لكن لا شيء يثبت انهما دخلا بالفعل، ما تطلب التوقف والانتقال لكاميرا محمولة سفلى تصور الولوج بكلوز آب، مع الحفاظ على ثبات الولوج المعقد وعدم تفككه فجأة….كانت الأشباح البنية البعيدة وخلافا للوضعية التي كانت مباشرة ويمكن رؤيتها مباشرة ، بحاجة أن ترفع نظرها وحتى أن تقفز قليلا عن مكان وقوفها كي تشاهد ما الذي يحدث على الأرضية المحاطة بعتبات مرتفعة مع أن تعابير وجه صاحب الشرج الخارق كانت تبشر

بأحداث جلل أخرى لها علاقة ثيمية أكيدة بالوضعية الأولى…

كُشطت جثة رأفت عن الأسفلت الملتهب وألقيت في حاوية الركام.

وصاح المخرج\المؤلف\المنتج سنعيد اللقطة من الأسفل… بوبرز وفياجرا؟