يولا لا 1 …/ راجي بطحيش

| يولا لا- مقطع من رواية يولا وأخواته – راجي بطحيش|

” ستصبح بعد عشرين عاما وحيدا كالمجذومين تتجول في شوارع بلدتك المهجورة، تبحث عن أير معفن تمصه..أي أير ، كل ذلك عبثا ، ففي تعابير يختلط فيها القرف والشفقة..لن يرضى أحد الاقتراب منك ، حتى التبوّل عليك ”

هل تتحقق أخيرا نبوءة سمير عشيق إميل الأول من معهد الهندسة التطبيقية في التخنيون- حيفا؟؟

فقد تلقى في ذلك اليوم الغائم والماطر جزئيا رسالة “واتس أب” ..يستعلها الكاتب المتصل من رقم غير معرف وبثقة عمياء بكلمة

  • وينك؟

و كأن إميل يعرفه منذ دهر وعليه فقط الإجابة

  • مين إنت؟
  • ولك يا شرموطة مش عارفتيني ولا عندك حدا بنيكك

شعر إميل بالإثارة الغريبة، لا لشيء إلا لأن المتصل تعامل معه وكأنه مخلوق جنسي لا يصمت ولا يكل..مع أنه صمت طويلا وخاصة في الأسابيع الأخيرة، صمت دون أن يشعر بذلك حتى ..نوع من الصمت المريح، فالأيام تمضي بشكل عادي ومحتمل دون حزن يُذكر ودون أرق ودون نوبات فزع ودون خوف كبير (بإستثناء لحظة دخول السرير ولثوان معدودة فقط)، فظن المتصل أنه في حالة شبق وفحش دائمين كان جميلا وإن كان غير واقعي، وظنه أنه يدير ليل نهار حفلات صاخبة للجنس الجماعي في بيت العائلة المنهارة لم يكن واقعيا أيضا، فتنظيم حفل جنس جماعي في أيامنا هذه أصعب وأعقد من تنظيم جنازة أو أربعين حتى وخاصة في هذه المدينة، حيث يتحمس الأشخاص المفترضون لهذه الحفلة كفكرة ولكنهم ينسحبون قبل الحفل الشرير بساعات عن طريق الاختفاء ببساطة شديدة، او التحجج بكوارث عائلية لا تحدث أصلا، ليبقى المنظم بالانتظار لوحده ثم يستمني وينام أو يجد نفسه يتفرج على شخصين يتنايكان على سجادته دون إيلاء وجوده أي اهتمام..

  • أنا عامر اللي كنت عندك قبل شهرين
  • طيب وأنا شو عرفني؟
  • شو بتعمل؟
  • ولا إشي
  • عندك حدا ؟
  • لا..مين بدو يكون في
  • بدي آجي اغتصبك

لم يصدم إميل من الفعل أو من النية الحقيقية المبطنة فيه، بل أعجب بالفكرة والمباشرة التي طرحت فيها كما أعجب أيضا بوقاحة عامر ..المغتصب العتيد وخاصة أن على المغتصب(بفتح الصاد) أن يوافق على أن يتم اغتصابه في بيته كشرط لحدوث الفعل أيضا، حيث يفقد الفعل مضمونه السياسي جراء الموافقة على أن يحافظ على شيء ما من فحواه المعنوية.

  • كيف يعني؟
  • شو كيف يعني، وعحساب رايحة وجاي وقارية ومشرمطة بأوروبا تشبعانة
  • أولا احكي معي بطريقة محترمة أكتر..وبصيغة المذكر
  • ولك انت بدك بذكر يضل يطقك كل الليل لتنك تتفلخي…عندك حبل ولزيق عريض؟

ثم جاء الشرح المفصل لمكونات الاغتصاب التوافقي من قبل عامر وكأنه قضى حياته في نوادي برلين وباريس الليلية الأكثر فحشا وتكلفا وعنفا..وليس بين شوالات الاسمنت والجبص ودلاء الدهان وفتات القصارة المنهارة..وكانه لا يقضي نهاره من الخامسة صباحا على الطرقات وفي الشاحنات ليعود إلى بيته مقتولا وأشد سوادا وخشونة ..هذا إن لم يكن قد سقط من علو إلى جبالة فرمت جسمه أو قتل في تصادم جبهوي في المساء من شدة التعب..وحتى إن كان سيسافر في إجازة ..أقصاها طابا أو شرم أو عمان أو تركيا في الأعياد وإجازة الصيف…وهذا ما زاد وعزز من إثارة إميل..وتغيير رأيه في كلمة اغتصاب عندما يحدث الأخير في ظروف توافقية..إنها الإثارة النابعة من تأمل الفجوة القائمة لدى نفس الشخص بين الجهل والتخلف والضآلة الاجتماعية وبين إلمامه الدقيق بفنون الجنس وأسراره وفنون إنتاج المتعة وبدائلها المتنوعة المتاحة…

“سأربط يدك ولن أربط رجليك لأنني بحاجة لهما في عملية الولوج والفتح والإغلاق..باختصار، بحاجة لليونتهما وحرية حركتهما، كما سألصق فمك بلاصقات نايلون كي لا تصرخ وتسمع الحي كله…سأحضر معي حبلا مطاطيا وسأجلدك من مؤخرتك حتى تصبح حمراء، وعندما يصبح لونها كحبة البندورة الموشكة على التعفن سوف أبدأ بألعاب الشرج، سأحضر معي قضيبا اصطناعيا وبعد الأغراض الأخرى وسوف أدخلها في شرجك وأنت تتلوى من الألم/اللذة وأنا أراقبك ، ثم سأعطيك استراحة…لكن قبل ذلك سوف أسحبك من شعرك وانت منكس الرأس وتجلس القرفصاء على الأرض، ثم  سأقف فوقك بما أنني سيدك وأنت عبدي ومأموري وسأشعل سيجارة، وفي هذه الأثناء وأنا أمج سيجارتي ببطء كالقيصر، عليك أن تلعق لي رجلي، اصبع أصبع وما بينهما وخاصة إبهامي العظيم والكبير، عليك أن تملئ رجلي بلعابك ثم سانهي سيجارتي سأطفئها عليك.. على ظهرك..ثم سأدوس عليك بكلتي رجلي..ثم سأتبول عليك، في هذه الحالة سيكون بولي ساخنا..ساخنا جدا وستشعر بلذة لا يمكن وصفها لمن لم يجربها من قبل …ثم وبعد أن تكون قد تخمرت ونضجت وأصبح جسدك منهكا ومثارا في آن وجاهزا للاغتصاب..سوف اغتصبك بكل ما اوتيت من شر وعنف ودهاء ومن جميع الاتجاهات والزوايا وخاصة وأنت متكور كالجنين أو فلنقل كالقطة عندما تنام ليلا، سوف اغتصبك بقوة وسوف أقذف ثلاث مرات متتالية وفي هذه الأثناء سوف أشدك من قضيبك وخصيتك حتى تجن من الألم والرغبة ..سأقذف مرة في فمك ومرة على ظهرك ومرة داخلك..ساملاك بسائلي يا كلبتي…”

استهوى تناسل التفاصيل وسردها إميل، تخيل نفسه في بعض الحالات التي وُصفت ولكنه لم يستطع تخيل نفسه يحتمل أن تطفأ سيجارة على جسده، فإذا كانت الحركات السابقة المذكورة هي مجرد لعبة لمط حدود الاحتمال وتقمص أدوار الإذلال والتنكيل فهي ومع كل هذا لا تثقب جسد الوجود وبالتالي المعرفة ولكن عقب السيجارة قد يفعل ذلك فهو لا يشكل مجرد لعبة يمكن التراجع عنها والعودة إلى الأدوار السابقة بل ندبة قد تقلب الأدوار نهائيا ..كما لم تستهو إميل ألعاب لعق الرجلين ..فقد تكون قذرة ولم يتحمس لمسألة التبول وخاصة أنه في حالة فقدان تام للسيطرة على ما يحدث ولا يمكنه إيقاف المغتصب عن الايغال في غيه فهو قد يذهب إلى أبعد الحدود في لعب دوره وبالتالي فقد يتبرز ببساطة عليه وهو أمر لا يطاق وقد يحول كل اللعبة إلى كابوس يعبق برائحة الرصاص المهدرج.

ما علق في رأس إميل في تلك اللحظة هو الوجع الناتج عن فقدان السيطرة وليس كل نوع من أنواع الوجع، إنه الوجع اللذيذ الذي يتفجر في نقطة معينة هي كالحاجز الأحمر المتوهج والذي سرعان ما يتحول إلى خدر جميل مشبع باللذة إنه الوجع الذي يشعر المرء فيه أن فقاعات الهواء والمرارة في رأسه تفتقت وهو يسمع ذلك بأذنه…يحدث ذلك عادة عندما يلج قضيب كبير وأملس الشرج، فثمة حاجز جهنمي من الوجع عليك تجاوزه وعدم التراجع أو الانكسار وبعد تجاوز هذا الحاجز وفي حال كان صاحب القضيب متمرسا ومحترفا فيما يفعله، يتحول الوجع بعد هذه النقطة إلى لذة لا يمكن إعرابها، وإلى سحر يفكك كافة عقد الماضي اللزجة…ولو لحين. كان إميل يأمل بذلك أن تحمل تجربة الإغتصاب الكثير من الوجع اللذيذ الذي يزهّر سماوات جديدة والقليل من الوجع المعتم، السمج، اللانهائي …ذلك الوجع الذي يلقي بك في بئر معتمة يتأجل قاعها كل مرة من جديد..وجع شبيه بذلك الذي كان يشعر به عندما كان يشارك سوسن غرفتها في صغره حيث كانت تبكي وتئن وتصرخ طيلة الليل دون أن يفهم أحد لماذا.

  • ماشي تعال اغتصبني!

يتبع…