سالمة ومنير (الرسالة الثانية) / ضياء البوسالمي
| ضياء البوسالمي |
السبت 22 جويلية 2017
عزيزتي سالمة،
كنت مستلقيا عندما سطع في ذهني سؤال تجنبت طرحه منذ أرسلت لك رسالتي الأولى. هل اطلعت عليها؟ هل تركت أثرا في نفسك؟ حسنا، أعترف أن الهدف منها لم يكن نيل الإعجاب أو استمالتك أو استعطافك أو التودد إليك. على كل، أمضيت يومي مستلقيا فوق السرير الذي خلته أنه التصق بجسدي وصار جزءا مني. كم تمنيت، يا سالمة، أن تصيبني عدوى فيروس لم يكتشف نوعه بعد ولم يعثر له على دواء. فيروس يحول البشر إلى جماد وأفئدتهم إلى رخام. اني حقا أحسد الجماد وأغبطه نعمة انعدام الإحساس وخاصة النسيان. فأنا الآن كغريق يرى خط الوقت يتقلص واشعاع ضوء الحياة يخفت تدريجيا.
عزيزتي سالمة،
لم يتغير شيء منذ رحيلك، عدت إلى ما اعتدته منذ سنوات. لم أكتب كلمة واحدة منذ أيام. كأنك انتشلتني، لفترة قصيرة، من جحيم الحياة، رأيت العالم الحقيقي معك وألقيت نظرة خاطفة من ثقب الأمل على معنى الألوان وطعم الطمأنينة. كنت أرى الأشياء بعينيك حتى أنني عدت إلى مرحلة الصبا، أين يجذب الصغير بقوة لامرئية إلى أمه. كنت أما، اختا، حبيبة.. كنت العالم يا سالمة. حفظتني عن ظهر قلب. ككتاب مفتوح أمامك ترين كلماته وتتمعنين في معانيه بلا مشاكل أو معاناة.
عزيزتي سالمة،
شعور كالغيرة مثلا كان يثير سخريتي قبل أن أعرفك. أتذكرين؟ يوم حدثتني عن حلمك وكيف كنت تضاجعين ذلك الممثل الأمريكي الأشقر في المنام. ورغم أن نبرة صوتك وملامح وجهك فضحت خدعتك وفهمت أن كلامك كان مجرد استفزاز، إلا أنني شعرت بشيء ينبش داخلي واحساس لم أستطع أن أصفه. كنت ملاكا شيطانيا (أو ربما العكس؟ لا أعلم)، آلهة نيك تحفظين تفاصيل جسدك، تستبطنينها لإسقاطها كخربطة على جسدي الذي تحولينه إلى رقعة شطرنج. كنت مختصة في استراتيحيا النيك والوطء.
اشتقت إلى جلدك، ليالي الرهز الخالدة، صراخك الذي يتعالى من النشوة ويختلط بموسيقى مكسيكية مرحة ورائحة عرقك تمتزج برائحة المني ودخان السجائر التي تجتاح الغرفة.
عزيزتي سالمة،
هذي رسالتي الثانية، أنتظر ردك.