عادة غير سرية / سجّاد ابن فاطمة

|  سجّاد ابن فاطمة  |

صوتٌ شهواني ، أنّات مخنوقة ، وأنفاس لاهثة  تتخللها كلماته المرتجفة :

– أي …أي ….خليني أرتاح …راح أكمّل …راح أكمّل

كاد أن يصل إلى الذروة .

صوت صرير باب ٍ حديدي …وصرخة :

– لك سافل شدسوي !!؟؟

قبل أن يتم مهمتهُ الشاقة برفع بنطلونه ِ ، اندفعت يد ٌ وحشية نحو وجهه ِ المتصفد بحبات العرق .

طه ، الأبن الأصغر لأبيه توفت امّهُ الصغيرة اثناء ولادته .

نما كنبتة ٍ منبوذة في مستنقع ٍ أسري آسن بفقاقيعه الضخمة بلون القئ ، المنبثقة من مياه ٍ متعفنة .

زوجة أبيه ، الزوجة الأولى، كانت تجثم كخيمة سوداء على فضاءه ِ الضيق ، تبث سمومها التي لا يسعها جوفها المريض على أولادها الأربعة ، سموم أحالت حياة هذا اليتيم إلى جحيم ٍ يومي جنته ُ أحلام يقظة وإغفاءات قلقة ومتقطعة .

عادة ًما يفرح عند قدوم والده ِ من وحدته ِ العسكرية حين تمتعه ِ بالإجازة ، كانت تلك الأيام إستراحة لكليهما ، لكن صباح إحداها كان إستثنائيا ً ، إرتدى ملابسه بلهفة بعد إيقاظهِ لتسجيله ِ في المدرسة ، وبالرغم من طول الطريق من بيت الجحيم الواقع في إحدى القرى النائية المنسية والقريبة من حدود العراق (الكلمة التي تعلمها في أيام دراسته ِ الأولى ) مع دولة إيران (تلك كانت الكلمة الثانية التي تبعت الأولى ) كان فرحا ً بعد أن لاح في أفق ِ تفكيره الذي أمتد بعيدا ً عن حدود تفكير أقرانه ِ بفضلِ المعاناة ، المعلم الأقسى في الحياة، لاح له ُ أملٌ ينسيه جحيمه ُ اليومي يضاف إلى أحلامه ِ وإغفاءاته ِ المتقطعة .

في يوم عادي عاد من مدرسته ِ وهو يردد كلمات معلمه ِ الخارجة من ذلك الثقب الأسود المحاط بشوارب كثة مشذبة بطريقة تعكس إنتمائه السياسي :

– باجر عدكم أمتحان إملاء وألي يجيني ما قاري أعلگة بالبنكة !!!

سالكا ً طريقا ً غير مباشر يوفر له ُ قدرا ً أكبر من إستهلاك الوقت بعيدا ً عن بيت أبيه .

يمارس كعادته ِ لعبته ُ اليومية ، ركل إحدى الحصى المحظوظة بلونها المميز وحجمها المناسب لينقذ أحدهما الآخر ، هي من حالة الجمود وسكونها الداخلي ، وهو من حركته ِ المتوحدة وغربته ِ الخارجية.

طرق سمعه ُ صوت ٌ غريب بعد أن ركلها بقوة ،إقترب من مصدر الصوت ، كانت كتلة حديدية أغرت عينيه بفضولها الطفلي ، ركلها ليستعيد ذلك الصوت المغري ، لم تستجب ، أعاد الكرّة ، ظلت خرساء كأفعى تنتظر اللحظة المناسبة لإقتناص فريستها ، أمسكها  بيديه بعد أن أزاح عنها التراب ، رفعها لتتحول تلك الكتلة الصماء إلى ملايين من الأنياب أفترست يديه الآثمة بما أقترفته ُ بتحريرها الوحش القابع داخل مخلفات الحروب اليشعة .

(عقدة الأزرار ) عقدة غريبة تلبّست به ِ بعد أن أعتاد على معاناة الإحساس بأجزاءه ِ المفقودة ، تَركة عقلية ثقيلة ، المنظر الغريب ليديه وقد أصبحت شبيهة بحافر الحيوانات بعد ذلك الحادث المشؤوم .

عقدة زاد في سطوتها تعلمه الحساب في مدرسته ِ الغابرة ، أول ما يقوم به ِ عندما يرى الناس مالكي  “الأصابع العشرة ” مثلما أعتاد أن يسميهم ، عدّ الأزرار المثبتة على ملابسهم ويجول في خاطره ِ كيفية الشعور وماهية المتعة المصاحبة لعملية إغلاقها وفتحها .

في يوم زواج أخيه تحولت تلك العقدة إلى رغبة جامحة وهو يرى هذا الكم الإستثنائي من الأجساد المثيرة وهي ترقص وتتمايل  على أنغام وإيقاع الأغاني الشعبية ، ركّز أنظاره ُ على إحداهن وقد تعرت من كبتها الخانق لتستثمر تلك المناسبة النادرة بإطلاق العنان لفيض الأنوثة الكامن ، أثاره بجنون الزران المتحرران والمنبثق خلفهما نهدان يهتزان مع كل حركة وألتواءة ، كادت أن تتحول نظراته إلى أيد ٍ تمتد لتطأ تلك الأرض المشتهية والمشتهاة .

حينها أستحالت تلك الرغبة إلى قطيع ٍ من الديدان المتوحشة تمور في أحشائه ِ ولا سبيل ٍ لها في التحرر إلا ذلك الطريق المؤدي إلى أصغر ثقب ٍ في جسده ِ أقصى نتوءه الذكري ،ولا أمل ٍ له ُ في التخلص من ضجيجها سوى إيقاظ  خياله المراهق.

أومأ لها ثم أصطحبها إلى الغرفة المقامة آخر البيت ، أغلق الباب ليضاجع خيالها ، تعرّى للنصف ِ ، تأوه ، تعرّق مطبقا ً عظمتي يديه على ذلك النتوء المنتصب ، وبحركة ٍ ترددية سريعة كاد أن يصل إلى الذروة ويلفظ قطيع الديدان الضاج ، حينها قاطعه ُ صرير الباب وصوت أخوي ّ حقود :

– لك سافل شدسوي !!؟؟

………………