في حانة النساء (لعنة ذَكري في سرواله الصّلب) / صلاح بن عياد
|في حانة النساء (لعنة ذَكري في سرواله الصّلب)|
|صلاح بن عياد |
كلّ شي مؤنّث حتى لون الحيطان الستائر، الحانة وردية مثل شفة خرجت للتوّ من قبلة بَطُلها الرّيق. يا الهي!! منذ متى لم أقبّل امرأة ولم أختلط بلسانها اللزج اختلاط “السّاق بالسّاق”؟ أمّا شفتي هذه عاطلة منذ أمد، وأكاد أرمي بها في الحانة كما أرمي برصاصة عشوائيّة. صوت الإناث غالب على بحّة الرّجال التافهة. ضحكاتهن تعلو كسمّ يُدَسّ في عشائي. لماذا لا أتيمّم بنهد هذه السّاعة. ماذا أفعل سوى ما فعله “أوليس”: أن أشدّ نفسي إلى عمود بحبل صلب وأن أستسلم لعذاب وعذوبة الصّوت؟. هل كان أوليس أحمقا؟. حسنا، أنا أحمق إذ ظللت أشدّ ذَكري بحبل رغم أصوات عرائس البحر. لقد آمنت بالعاصفة طويلا. ودسست ذَكري في اهتزازات خشب السفينة. تلك سفينة انفجرت في الآخر وتساقطت أشرعتها وخرجتُ منها نوعا من “الرّوبنسون كريزوي” الذي تعلّقت همّته بشبح جزيرة متصوّفة. “فريداي” كان وهْما أسود. “فريداي” كان صوتا لا أكثر. “فريداي” تمسّك بإلهه كما تمسّكت بخشبة بلا فلسفة. خشبة وضعتني على جزيرة يبست فيها شفتاي.
منذ متى وفراشي عاطل عن التأوّه؟ ومن أجل ماذا أو من احتفظت بتأوّهاتي عذراء كمريم بلا صوت سماويّ؟. جاءها الصوت السماوي وحبلت بلا نشوة. تصلني الأصوات في حانة النساء وأحبل بالألم بلا نشوة. تنتفخ مخيّلتي في هذه اللحظات وتلد ما أكتب، أمّا أذني فعامرة بأصوات عرائس الحانة. كأنني في حمّام نساء ولم أبلغ سنّ البلوغ. كأنّي سلبيّ الذَكر وعاجز عن الانتصاب في لحظة مرور احدى السكّيرات مسرعة إلى المرحاض. سيكون تبوّلها موسيقى المنتصب. أنا منتصب للّون وللّتي كانت وراء إقامتي في جزيرة الأصوات.
تبتسم إحداهن لي، تشتهيني ولا أشتهيها، أحاول تخيّل “قطّتها” المبلّلة في هذه اللحظات، وأشتهي مدّ أصابعي حتى أسدّ ذكري الذي لم يكف يوما على أن ينزّ ماءه. لقد كان عين ماء بلا عِطاش. تحجّر واحمّر كنار بلا متدفّئ. لقد كان “أوليسا” مشدودا إلى حبل وسط الأصوات. الفارعة الطول التي في الحانة النسائيّة ألقت نظرة عليّ بينما كنت أحاول الدسّ بانتصابي في أيّ فكرة. لِلَحظة فكّرت في افتتاح تاريخ جديد للتأوّه على فراشي. وفكّرت بالمناسبة بمريم العذراء، ألم يخطر ببالها ممارسة الجنس مع روح الإله؟. هل لروح الإله ذكر معذّب كذكري، أحمر متصلّد كالخشبة التي تعلّقت بها؟. كيف أحبل بكلّ هذا الألم بلا نشوة؟؟؟؟ ماذا أفعل بهذا الأير المتّصل اتصالا فرنسيّا مع القلب؟.
من أيّ كوكب جاء هذا المكوك النسويّ؟ حانة تكاد تكسر مذكّري المندس في سروال مغلق. وماذا عن مؤنّث حبيبتي؟ “هههه”، هل تمدد وحيدا في فراش يخلو من أصوات؟ هل كان روبنسنا أو أوليسا مربوطا بحبل؟. ألم يلجه أيّ شيء؟ هل نجا من الحانات ومن الصّوت الإلهي؟ هل حبُل بلا نشوة؟. هل أشكّ؟
تلك لعنة ذكري في سرواله.
للحظة شممت رائحة امرأة وثقت بابتسامتي وجاءت لتسرّ لي سرّا عند سيجارة: قالت بأني جميل وأني مختلف عن كل من هو في الحانة النسويّة. يا إلهي منذ متى لم أشمّ امرأة؟ منذ متى وأنا أودع حواسّي في شاشة الكومبيوتر؟ منذ متى وأنا بلا لون ولا طعم ولا رائحة تماما كعين ماء؟.
هذه عين ماء يا بنات الحانة، تسقيكن جميعاً، أمّا لساني فرصاصة تخترقكنّ اختراقاً. أبني سدّا لمائي (تبّا للمسعدي) حتى لا يغرقكن مائي. عذرا قريبا سأقطع الحبل الذي يشدني وآكل أصواتكنّ جميعاً.