أَركُضُ، ثم أحلمُ بأن أكون طاغيةً / عمّار المأمون
|أَركُضُ، ثم أحلمُ بأن أكون طاغيةً|
|عمّار المأمون|
أخافُ أولئِك اللّذين يركضون، أولئك الذين يمتلكون نهاراتهم العاديّة بأكملها، دون أي خوف من النقص بالكلمات.
بثيابهم الضيقة، أجسادهم المتناسقة، يركضون، بِخفة، ولا كأن هناك غولاً، أو طاغية يدلّل أشلاء ضحاياه.
أولئك الذين يَركضون، هشّون، يؤمنون بأن الموت ذو توقيت محدد، وأن الكَسل يداعب ذَكر الموت لينتفض بوجه مُتعاطيه.
أخاف الذين يركضون لأنهم لا يستمنون، يحفظون أنسالهم بحذر، لا أطفال لهم مهدورين في الأزقة وزوايا الجدران.
من يركضون لا وقت لهم للملاحم أو الشعر المبتذل، الكسولون فقط هم الشعراء، روّاد الذاكرة، نحّاتي خساراتهم.
الشعراء هم الأكثر استمناءً، لهم سلالات على امتداد الأرحام والطّرق.
…
أحلم بأن أكون طاغية،
سفاحاً ألتهم أطفالاً لَمْ يبلغوا بعد،
أقضي أوقات فراغي بإبادات جماعية، للبدناء مثلاً، لا أريد قمراً، بَل فقط، أن أجعل شعبي بأكمله يركض حرقاً للدهون.
أن تكون طاغية، أي أن تكون حراً، أن تسلخ وقتك تخطط للتفاهة، تتفرغ كلياً لقطع رأس الملل، وتبذل بعضاً من جهدك لتصنع عباءة من بكارات ترتديها لتغيظ المستمنين ليلاً.
حين كُنت طاغيةً، صَنُعت وليمةً مِن أفخاذٍ سَمراء لنساءٍ رَكضن سِت خسارات، دَعوت نفسي فقط، وتأملت المِلح ينزّ من منبت الفخذ وباطنه، ثم أغويت نفسي لالتهام الحَلمة التي تزيّن الطَبق.
حين كنتٌ طاغيةً، دَعوت تسع شعراء يَحلُمون بتقبيلِ سُرّة عَذراء لأن يَكتبوا مُعجماً لي في أصول الجَمال، أن يَضبطوا قياسات أول الشَفَر، وأن يجعلوا لعق الفخذ على ثلاث مراحل، قسطاط دقيق للتذوّق.
…
مُعجم أصول الجَمال
فَصل التذوق
باب لعق الفخذ
أولاً :
تحسس ببطء رأس لسانك، ثم امضي حذراً من بداية الفخذ، هناك، شهيقان، لا تقارب الداخل، بل انحدر متطرفاً لتقيس المسافة بين بينين، واجعل أوزانك على أوزان جدول يخرّ حليباً، تنهد، أحصي خيباتك ثم ببطء احرث مسامات تنزّ ماءً.
ثانياً:
خذ أول اشتدادٍ للفخذ من الأعلى واغرس فيه لسانك طويلاً، أقم هناك حولاً، اعتد طقوسه، ثناياه، نبضه، تحسس الانحناء للخارج بشفتك السفلى، لكن، لا تتورط، احذر أن تصغي لنبضك، أنت الآن على حواف الهاوية، انجوا أولاً، ثم افلت لسانك نحو الباطن تمشيطاً لجياد الشهوة، دَع الوبر الخفيف يتلمس غدد لعابك، لا تغرق، حاول الطفو ما استطعت.
ثالثاً:
هنا اترك صوتك يقودك، انهش ما تبقى هابطاً رياض الركبة ونهايات الوجع، دَعِ الألم في أسفل معدتك يشتدّ، داري انتصابك بحذر، دع لشفتيك مهمة التنقيب عن جراح الطفولة، عن الأرجوحة التي تسببت بالندبة أسفل الفخذ، الثمها شَبقاً، دع الندبة تنزّ حقولاً من الاسفلت، واطلق لِشفتك السفلى مهام الفتق والتقطيب، انهل وكأنك أبتر كوفئت بنهر، قسوة الجلد هنا من نصيبك، انهشها وجعاً حد الإغماء.
هامش: صحح أصوليّ المتن بأن من حقك الانحدار للأعلى قليلاً ثم التمتمة.
…
واحد من الشعراء التسعة قرر الهروب، ركض، ثم ركض طويلاً، ونتيجة تمارين الطاغية وصل بعيداً، بلا نسل، “هناك” كان وحيداً، ذَكرُه ضامر، لكن ذو ساقين فولاذيتين، اقترب من أول مقهى وجلس، تأمل الراكضين بثيابهم الضيقة، بعضهم يشبهه، من سلالاته التي أهدرها استمناءً، طاوله الكسل في المقهى، حينها، بدأ يَحلُم بأشلاء وعباءة من بكارات.