منزل نيكولا مادزيروف
| نيكولا مادزيروف |
|ترجمة: محمد زيدان |
أنا.. لا أعرف
بعيدة كلّ تلك البيوت التي أحلم بها
بعيدٌ صوت أمّي
وهي تناديني للعشاء، فأجري نحو حقول القمح
بعيدون نحن ككرة أضاعت الهدف
وتذهب نحو السماء. نحن أحياء
كميزان حرارةٍ، لا يكون دقيقًا سوى
حين ننظر إليه
الحقيقة البعيدة في كل يوم تسائلني
كرحّالة غريب يوقظني
في منتصف الرحلة يسألني:
هل أنا في الحافلة الصحيحة؟
فأجيب بنعم، ومبلغ قصدي: أنا لا أعرف
أنا لا أعرف مدن أجدادك
من سيتركون خلفهم كل الأمراض المعلومة
مع بلسمها المصنوع من الصبر
أحلم ببيت على تلّة أشواقنا،
كي أشاهد أمواج البحر وهي ترسم
مخطط سقطاتنا وأحوال عشقنا،
كيف أن الناس يؤمنون كي لا يدركهم الغرق
وكيف يخطون كي لا يدركهم النسيان
بعيدة هي كل الأكواخ التي فيها احتمينا من العاصفة
ومن ألم الظباء التي تموت أمام أنظار الصيّادين
مَن وحدتُهم فاقت جوعَهم
اللحظة البعيدة تسألني كل يوم
أهذه هي النافذة؟ أهذه هي الحياة؟ وأنا أقول
نعم، وقصدي: أنا لا أعرف،
أنا لا أعرف إن كانت الطيور ستبدأ بالكلام
من غير أن تنطق قائلة: سماء
منزل
عشت في أطراف مدينةٍ
كمصباح في شارع
ذي لمبةٍ لا أحدَ أبدًا يغيّرها
أنسجة العناكب تشدّ أزر الجدران
أيدينا المتشابكة اعرورقت.
أخفيت لعبتي
في شقوق جدران حجرية بنيَت على عجل
كي أنقذها من الأحلام.
في نهاري وليلي بعثتُ في العتبة الحياة
لتعود كما النحلة التي
دومًا إلى الزهرة السابقة تعود.
كان السلام سائدًا حين غادرت بيتي:
التفاحة المقضومة لم يصبْها العفن
على الرسالة طابع بصورة بيت قديم مهجور
منذ الطفولة هاجرت إلى أماكن عديدة
ومن تحتي ليس إلا الفراغات
كما الثلج لا يدري إلى أين ينتمي
إلى أرضٍ أم إلى هواء.
رأيت أحلامًا
رأيت أحلامًا لا يذكرها أحد
وأناسًا ينتحبون على القبور الخطأ
رأيت عناقات في طائرة تهوي
وشوارع ذات شرايين مفتوحة.
رأيت براكين صار سباتها
أطول من جذور شجرة العائلة
وطفلًا ليس خائفًا من المطر.
وحدي أنا الذي لم يره أحد.
وحدي أنا الذي لم يره أحد.
نيكولا مادزيروف (Nikola Madzirov) شاعر وباحث ومترجم من مواليد مدينة ستروميكا (مقدونيا) 1973.
(العربي الجديد)