الجندي \ أحلام بشارات
|اللوحة للفنان الصربي: Паја јовановић |
حدثتني صديقتي عن الجندي الفيلسوف
الذي أفنى حياته يتنقل من مدينة إلى آخرى
يدافع عن شيء ما لا يخصه بالأحرى
في بلد وجد نفسه فيها بالصدفة
وفقد أهلها القديمون إيمانهم بقداسات المقامات فيها
وغرق أغلبهم في البحر الذي يسوّرها مثل سياج من شجر شوكيّ
حين تشتّتت البنايات كأنّ شقوقا امتدت بينها
وسقطت الأصص عن شرفات الشقق الصغيرة
التي بدت على شكل مربعات تحتضن بعضها البعض بحزن
بفعل اهتزاز من يد عملاقة
سقطت الأصص
والورود التي كانت تحتويها وجدت ملقاة على الطرقات
كبقايا حياة كانت هناك
وانفرجت النوافذ المغلقة منذ أزمنة عن عفونة قديمة
لم يعودوا قادرين على شمها أو هزيمتها
لقد استمر ذلك الجندي
كأنّه قطعة أثاث في بيت مهجور
يدافع، يوما بعد يوم، ضد خيوط العناكب التي بناها الزمن بمهارة عالية
كأنه يخيط ثوبا حول روح الجندي الواثقة
وهو يحاول حماية شيء ما من الفناء
وكلما أوشك على الإمساك به ذبل في يده
مثل وردة صارت قديمة وعطشة
وكان من الانصاف تركها على ذلك الحال
رأفة بها وبصاحبها الانسان.