رسائل قصيرة لبعض النساء بمناسبة كذبة نيسان !/ راجي بطحيش

| راجي بطحيش |

الى أ.

وأنت تحدقين بي هكذا وتشيرين بأصابعك المرتجفة إلى المكان الذي دفن فيه جدي الكنز الذي anyway التهمته ديدان ..ال..ال..الوقت، وانت تحدقين بي هكذا لتقولي لي أنك تعرفين أنني أعرف  أن عيونك العسلية تلك ليست تائهة ، لا غمام يلفها …لا غابة من الضباب تحتل حوافها …لقد تركت بخبثك القرار لي ..إما أن أقطع وصلات الجهاز وإما لا…لكن لا جهاز هنا لأقطع وصلاته ..ولكنك مع ذلك تركت القرار لي.. إما أن  أدخل غرفتي الآن بنوبة عصبية مفتعلة..أركل القطة الباقية برجلي.. أملأ حقيبة لم أفرغها أصلا..اضع بعض الكتب من معظم منشوراتي وأغادر لأشتهر اكثر…جواز سفري دائما معي…كما سأغادر لدولة لا حاجة لتأشيرة إقامة فيها …ولا زال بعض الرصيد في بطاقتي الفيزا ..يمكنني التدبر فيه  قليلا..كل شيء جاهز.. وأنت تحدقين بي هكذا…ثم تتأملين الخواتم الآخذة بالاتساع على أصابعك، حتى أن واحدا منها يكاد يتسرسب أرضا، وكأنك تعدين الخواتم خوفا من ان يكون قد ازداد عددها سهوا، ثم تمدين يدك نحوي وكأنك تريني الخواتم..ماذا تريدين؟ أن أقول بأنها جميلة …هي ليست كذلك..قد تكون ذات قيمة ولكنها ليست إلى ذلك الحد…هل تريدين أن أقول أنها تلمع على أناملك وأنها تليق بها وكأنها جزء تفاضلي منها؟ فلنفترض!

وأنت تحدقين بي هكذا..أعرف جيدا أنك تركت بخبثك القرار لي…وها أنا قد قررت أن أنهض بكل حزم وعنفوان لأنشر ملابسي الباقية من ليلة حب.

إلى ع.

أراك صباح كل يوم تفتحين الشبابيك الخشبية الخضراء العتيقة  والتي تفتّت معظم طلائها، على مصراعيها، لتجهزي البيت الكبير ، الضخم، العظيم…وكؤوس الجلي والقرفة والمغلي والأرز بحليب وقهوتك المكررة أيتها البخيلة الشريرة…لضيوف …ماتوا..

أراك كل ليل وفي التاسعة والنصف مساءا تحديدا تقفلين كل الأضواء بعد نهاية المسلسل السوري الطويل، لتدخلي عنصرا مكرسا  له هيبته في أورجي الفَناء…

لا أمرّ.لا أطرق باب البيت الكبير…أخاف أن تكسرني رائحة صفائح القرنفل الغابر…أو ريشة يمام لا زال يقتات على خبز  خلاص جف منذ عقد..

إلى ف.

وانت تستيقظين كل يوم، وتذهبين الى المشغل أو لا أعلم ما يسموه ،كل يوم، ثم تعودين، كل يوم وتحاولين الفرار ،كل يوم، وتحاولين ارتكاب جريمة النسيان، كل يوم…وتخطيطين لقتل غريمة جديدة لك، كل يوم ..

وأنا أمر قربك كل يوم…تقريبا..أربعون متر أو أكثر تفصلنا، كل يوم… وتلك المراة القبيحة التي تدخن كمّن تنتقم من أحد بالشرفة هي ورجل نحيف يدير ظهره لها أو هي تدير ظهرها له …وأنا أمر من أمام نزلكم هذا تخرج مياه خفيفة من باطن الأرض  هي عصير لناتج التقاء الذنب والخيانة بالانتقام وحائط الذكريات الكثيرة..مجبول بالمياه هذا التراب.. يصبح عائقا موحلا يمنع تقدم عربتي..عائقا مؤجلا بكسر الجيم.

سيارتي مليئة بالوقود، وبطاقتي الاعتماد فيها متسع قليل من الحلم لم أهرم إلى هذه الدرجة ، جسدي لا زال يحمل قدرا ما من المناورة ..قد أدعوك إلى شراب أو بوظة ايطالية مبتذلة أو حتى الى شاورما أو غذاء محترم ..أو مدينة ملاهي أو سيرك أو حتى سينما بعشرة أبعاد … لقد تركت بصمتك القرار لي..ولكن أكررها مجددا: مجبول بالمياه هذا التراب يصبح عائقا موحلا يمنع تقدم عربتي..

إلى جميع النساء بحرف الميم..لماذا تقتحمن الحلم عليّ… هكذا؟